نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 167
و الذي عندي أن إجماع
علماء سائر الأمم في الأحكام على موجب ما طردناه يوجب العلم جريا على مستقر العادة
و هذا أحسن بالغ، و سنبسطه في كتاب الشامل إن شاء اللّه تعالى، و نذكر طرقا
مستحسنة في الإجماع إن شاء اللّه عز و جل، و قد حان أن نخوض في الإمامة.
باب في إبطال النص و
إثبات الاختيار
ذهبت الإمامية إلى أن
النبي صلى اللّه عليه و سلّم نص على تولية علي عليه السلام على الإمامة بعده، و أن
من تولاها ظالمه و كان مستأثرا بحقه.
فنقول لهؤلاء: أ تعلمون أن
النص عليه ثابت، أم تجوزونه؟ فإن علمتموه فما الطريق إليه؟
و العقل لا يقضي تنصيصا
على شخص معين. فإن ردوا ما ادعوه من العلم إلى الخبر، قيل لهم:
الخبر ينقسم إلى ما
يتواتر، و إلى ما يعد من الآحاد؛ و ليس معكم نص منقول على التواتر، و خبر الواحد
لا يعقب العلم. فمن أي وجه ادعيتم العلم بالنص؟ و قد أطبقت الإمامية على أن أخبار
الآحاد لا توجب العمل، فضلا عن العلم.
فإن تعسف متعسف، و ادعى
التواتر و العلم الضروري بالنص على عليّ رضي اللّه عنه، فذلك بهت، و هو دأب
الروافض. فيجب أن يقابلوا على الفور بنقيض دعواهم في النص على أبي بكر رضي اللّه
عنه. ثم لا شك في تصميم من عدا الإمامية على نفي النص، و العلم الضروري لا يجمع
على نفيه من ينحط عن معشار أعداد مخالفي الإمامية. و لو جاز رد الضروري في ذلك،
لجاز أن ينكر طائفة بغداد و البصرة و الصين الأقصى و غيرها، و ذلك يغني بوضوحه عن
كشفه.
فإن قيل: قد أبديتم قاطعا
في منع الإمامية من ادعاء النص، فهل تعلمون عدم النص على عليّ عليه السلام؛ أم
تستريبون فيه؟ قلنا: إن ادعى الإمامية نصا جليا على عليّ عليه السلام في مشهد من
الصاحبة و محفل عظيم، فنعلم قطعا بطلان هذه الدعوى. فإن مثل هذا الأمر العظيم لا
ينكتم في مستقرّ العادة، كما لم ينكتم تولية رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم
معاذا اليمن، و زيدا و أسامة بن زيد، و عقد الولاية لهم، و تفويض الجيوش إليهم، و
اجتباء الأخرجة إلى بعضهم. و كما لم يخف تولية أبي بكر عمر، و جعل عمر الأمر شورى
بينهم، و لو جوزنا انكتام هذه الأمور الظاهرة، لم نأمن من أن يكون القرآن عورض ثم
كتمت معارضته، و كل أصل في الإمامة يكر على إبطال النبوءة فهو حري بالإبطال.
فهذا إن ادعوا نصا شائعا
لا اعتلال فيه، فيضطر إلى استحالة كتمانه و ترك اللهج به، سيما في عصر أصحاب رسول
اللّه صلى اللّه عليه و سلّم، و قرب العهد بالنص المدعى، و الاختلاف في عين الإمام
يوم السقيفة.
و إن ادعوا نصا خفيا غير
مظهر، فنعلم أنه لا سبيل إلى علمه، ثم نعلم بطلانه بالإجماع على خلافه؛ مع ثبوت
الإجماع مقطوعا به، و بذلك ندرأ سؤال من قال: خبر الواحد إن لم يوجب العلم فهو
موجب للعمل، فاعملوا بما نقلناه. قلنا: ما نقلتموه لا نستجيز قبوله، و أحسن
أحوالكم عندنا
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 167