نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 164
المجتهدات عن القطعيات،
مستعينين باللَّه تعالى. و الترتيب يقضي تقديم طرف من الكلام في الأخبار و
منازلها، فإنها مبنى الإمامة.
باب في تفاصيل الأخبار
فإن قيل: اذكروا حقيقة
الخبر أولا، ثم فصّلوه. قلنا: الخبر ما يوصف بالصدق أو الكذب، و هذا يميزه مما
عداه من الكلام، و يميزه عن أقسام الكلام أيضا. فإن الأمر، و النهي، و التلهف، و
الاستخبار و نحوها، لا يوصف شيء منها بالصدق و لا بالكذب.
ثم الخبر ينقسم: فمنه ما يعلم صدقه قطعا، و منه ما يعلم كونه كذبا قطعا، و منه ما
يجوز فيه تقدير الصدق أو الكذب، فأما الخبر الصدق قطعا، فما وافق مخبره المعلوم
قطعا، بضرورة أو دليل قاطع، كالخبر عن المحسوسات على ما هي عليه، و الخبر عن كل ما
يعلم ضرورة. و يتصل بذلك الخبر عما يعلم نظرا إذا وافق مخبره المعلوم. و ما علم
كونه كذبا قطعا فهو ما يخالف مخبره المعلوم ضرورة و نظرا فهو كالإخبار عن
المحسوسات على خلاف حكم تعلق الحواس بها، و كالإخبار عن قدم العالم مع قيام الأدلة
القاطعة على حدثه. و ما يتردد من الأخبار، فهو ما يتعلق بجائز لا يستحيل فيه تقدير
النفي و لا تقدير الإثبات.
ثم ينقسم الخبر بعد ذلك انقساما هو غرضنا، فمنه ما لا يترتب عليه العلم بالمخبر
عنه، و منه ما يترتب عليه العلم بالمخبر عنه. فأما ما يعقب علما بمخبره، فهو الخبر
المتواتر؛ فإذا توافرت شرائطه و تكاملت صفاته، استعقب العلم بالمخبر عنه على
الضرورة. و به نعلم البلاد النائية التي لم نشهدها، و الوقائع و الدول التي لم تقع
في عصرنا، و به تتميز في حق الإنسان والدته عن غيرها من النساء. و جاحد العلم بذلك
جاحد للضرورة و متشكك في المعلوم على البديهة.
ثم الخبر المتواتر لا يوجب
العلم بالمخبر عنه لعينه، و إنما سبيل إفضائه إلى العلم بالمخبر عنه استمرار
العادات. و من جائزات العقول أن يخرق اللّه العادة، فلا يخلق العلم بالمخبر عنه، و
إن تواترت الأخبار عنه، و كذلك يجوز على خلاف العوائد أن يخلق العلم الضروري على
أثر إخبار الواحد، و لكن العادات مستمرة على حسب ما ذكرناه.
فإن رام متعسّف قدحا، و
قال: كل واحد من المخبرين، لو انفرد بإخباره لم يفد علما، و انضمام خبر غيره إلى
خبره لا يحيل حكم خبره؛ فيلزم أن لا يفيد مجموع الإخبار ما لم يفده الخبر الواحد.
و هذا الذي ذكروه لا تحصيل له؛ فإنا أوضحنا أن الخبر المتواتر لا يوجب العلم
بالمخبر عنه، و إنما يعقبه العلم مع استمرار العادة ما ثبتت مستمرة، و إنما استمرت
العادة، كما ذكرناه عند إخبار عدد التواتر. و نظير ذلك من مستمر العادة أنه لا
يبعد قيام شخص واحد في وقت معين؛ و لو قيل قام في هذا الوقت عدد كثير
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 164