responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 160

مخامرة الشكوك، و اختلاج الريب. و التصديق عرض لا يبقى، و هو متوال للنبي عليه الصلاة و السلام، ثابت لغيره في بعض الأوقات، زائل عنه في أوقات الفترات. فيثبت للنبي عليه الصلاة و السلام أعداد من التصديق لا يثبت لغيره إلا بعضها، فيكون إيمانه بذلك أكثر. فلو وصف الإيمان بالزيادة و النقصان، و أريد بذلك ما ذكرناه، لكان مستقيما، فاعلموه.

فإن قيل: قد أثر عن سلفكم ربط الإيمان بالمشيئة، و كان إذا سئل الواحد منهم عن إيمانه قال إنه مؤمن إن شاء اللّه، فما محصول ذلك؟ قلنا: الإيمان ثابت في الحال قطعا لا شك فيه. و لكن الإيمان الذي هو علم الفوز و آية النجاة، إيمان الموافاة؛ فاعتنى السلف به و قرنوه بالمشيئة، و لم يقصدوا التشكك في الإيمان الناجز.

باب التوبة

التوبة في حقيقة اللغة الرجوع، يقال: تاب و ناب و أناب إذا رجع. و إذا أضيفت التوبة إلى العبد، أريد بها رجوعه من الزلات إلى الندم عليها، على ما سنحد التوبة في اصطلاح المتكلمين و إذا أضيفت التوبة إلى أفعال اللّه تعالى، فالمراد رجوع نعمه و آلائه إلى عباده.

فإن قيل: حرروا عبارة في حقيقة التوبة على اصطلاحكم. قلنا: التوبة هي الندم على المعصية، لأجل ما يجب الندم له، ثم الندم تلازمه صفات ليست منه عموما، و تلازمه صفات في بعض الأحوال دون بعض فأما الصفات التي تلازم التوبة أبدا، فمنها الحزن و الغم على ما تقدم من الإخلال بحق اللّه تعالى؛ إذ من المحال أن يثبت الندم دون ذلك، و الفرح المسرور بما فرط منه لا يندم عليه. و مما يقارنه تمني عدم ما كان فيما مضى و كل نادم على فعل يجب اتصافه بتمني عدمه فيما مضى.

و مما يقارن التوبة في بعض الأحوال، العزم على ترك معاودة ما ندم المكلف عليه، و ذلك لا يطرد في كل حال؛ إذ إنما يصح العزم من متمكن من فعل ما قدمه؛ و لا يصح من المجبوب العزم على ترك الزنا، و لا من الأخرس العزم على ترك قذف المحصنات. فإن صدر الندم من متمكن من مثل ما ندم عليه، فلا بد أن يقارن ندمه العزم على ترك معاودته. إذ من المستحيل أن يكون موطنا نفسه على معاودة ما ندم على تقديمه رعاية لحق اللّه تعالى.

فإن قيل: لم قلتم إن التوبة هي الندم؟ قلنا: لأنه الثابت الذي لا يزول في التوبة، و ما عداه يتزايد و يختلف، و منه ما يثبت تارة و ينتفي أخرى. و قد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم: «الندم توبة» فلزمنا ذلك لمساوقة الخبر و موافقته الأثر. فإن قيل: لم لا يجوز أن يسمى ترك المعصية توبة، من غير ندم؟

قلنا: هذا مما يأباه الشرع. فإن الماجن إذا ملّ مجونه، و استروح إلى بعض المباحات، غير نادم على فارط الزلات، و كان على عزم معاودتها، فهذا يسمى تاركا للزلة، و لا يسمى تائبا عنها.

نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 160
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست