نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 133
فهذه العمدة في ضرب
المثال، و ها نحن نبني عليه أسئلة و نتفصى منها، و يندرج تحت ما نطرده أغراض يعظم
خطرها.
فمن أهم الأسولة ما أدلى
به المعتزلة، حيث قالوا: إذا جوزتم أن يضل الرب عباده، و يغويهم و يرديهم، فما
يؤمنكم من إظهار المعجزات على أيدي الكذابين لإضلال الخلائق؟ و قال: أصلنا في
تنزيه الرب تعالى عن فعل الجور و إضلال العباد، يؤمننا مما ألزمناكموه و تدل
المعجزة على الصدق، من حيث نعلم أن الرب تعالى يخصصها بالصادقين. و لا يثبتها
للكاذب فيضل الخلق.
و الجواب عن ذلك، أن نقول:
من شهد مجلس الملك في الصورة المفروضة، علم على الضرورة تصديق الملك من يدعي
الرسالة، و إن لم يخطر لمعظم الحاضرين نظر و عبر و تفكر في أن الملك لا يغوي
رعيته، و لا يطغى حاشيته، و لو كانت دلالة المعجزة على الصدق موقوفة على العلم بأن
مظهر المعجزة لا يطغى و لا يضل، لاختص بالعلم برسالة الملك من نظر هذا النظر، و
استدت منه العبر، و ليس الأمر كذلك على اضطرار؛ و الذي يكشف الحق في ذلك، أن الملك
لو كان ظالما غاشما لا تؤمن بوادره، فالفعل المفروض ممن هذه صفته تصديق لمدعي
الرسالة، و جاحد ذلك منكر للبديهة.
ثم نقول للمعتزلة: ما وجه
دلالة المعجزة عندكم؟ فإن قالوا: وجهها علمنا بأن اللّه تعالى لا يضل خلقه، قلنا:
فعلمكم على زعمكم يقارن المعتاد من الأفعال، حسب مقارنته للخارق منها للعادة،
فجوزوا أن يقع فعل معتاد مع اعتقادكم علما للنبي، فإن قالوا: لا بد من اختصاص
المعجزة بوجه لأجله تدل، قلنا: فبينوه نتكلم عليه، فلا يزالون في عمه و حيرة، أو
يرجعوا إلى الحق. فإذا أوضحوا وجها، سوى ما انتحلوه من فاسد معتقدهم، فنقول: لا
تظهر المعجزة على يدي الكاذب، لأنها لو ظهرت لدلت على صدقه، و تصديق الكاذب مستحيل
في قضيات العقول.
فإن قيل: هل تجوزون في
المقدور وقوع المعجزة على حسب دعوى الكاذب، أم تقولون ليس ذلك من المقدور؟ قلنا:
ما نرتضيه في ذلك أن المعجزة يستحيل وقوعها على حسب دعوى الكاذب، لأنها تتضمن
تصديقا و المستحيل خارج عن قبيل المقدورات، و وجوب اختصاص المعجزة بدعوى الصادق،
كوجوب اقتران الألم بالعلم به في بعض الأحوال، و جنس المعجزة يقع من غير دعوى، و
إنما الممتنع وقوعه على حسب دعوى الكاذب، فاعلموا ذلك.
فإن قيل: إن ثبت لكم ما
ادعيتموه في المثال الذي فرضتموه، فبم تردون الغائب إلى الشاهد، مع علمكم بأنه لا
بد من جامع بينهما، فإن روم الجمع من غير جامع يجر إلى الدهر و الإلحاد؟
و ربما عضدوا هذا السؤال
بآخر، فقالوا: إنما علمنا رسالة مدعيها بقرائن الأحوال، و ما أحسسنا منها، و ذلك
مفقود غير موجود في حكم الإله.
و هذا آخر عقدة في النبوءات،
فإذا انحلت لم يبق بعدها للطاعنين مضطرب؛ فنقول مستعينين
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 133