responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 125

و مما تمسكوا به أن قالوا: ألفينا الشرع عندكم مشتملا على أمور مستقبحة عقلا، مع علمنا بأن الحكيم لا يأمر بالفواحش، و لا يندب إلى القبائح، قالوا: فمما تشتمل عليه الشرائع ذبح البهائم و استسخارها، و العقل قاض بقبح ذلك؛ قلنا: ما ذكرتموه ينعكس عليكم بإيلام اللّه تعالى البهائم و الأطفال الذين لم يقترفوا ذنبا و لم يحتقبوا وزرا. فإن قالوا: ذلك عن اللّه حكمة، قلنا: فما كان حكمة من فعله، لم يبعد كون الأمر به أيضا حكمة، و هذا القدر مغن في غرضنا.

و ربما يشيرون إلى تخيلات لا يتشاغل بأمثالها لبيب، فيقولون: في الشرائع ما تردع منه العقول، كالانحناء في الركوع، و الانكباب على الوجه في السجود، و التحسير، و التعري، و الهرولة، و التردد بين جبلين، و رمي الجمار من غير مرميّ إليه، إلى غير ذلك مما يهزءون به.

و الوجه معارضتهم بما لا يجدون منه مخلصا، فنقول: الرب تعالى قد يضطر عبده و يفقره و يعريه، و يتركه كلحم على وضم و السوءة منه بادية، و لو عرى واحد منا عبده مع تمكنه من ستره و مواراة سوأته لكان ملوما، و الرب تعالى يفعل من ذلك ما يشاء، لا يسأل عما يفعل و هم يسألون.

و هو الذي يسلب العقول، و يضطر المجانين إلى ما يتعاطونه مما تبقى مضرته، مع القدرة على أن يكمل عقولهم. فإذا لم يبعد ما ضربنا فيه الأمثلة، أن يكون فعلا للّه تعالى، لم يبعد أيضا وقوعه مأمورا به.

فإن قالوا: إذا وقع ما ذكرتموه في أفعال اللّه تعالى، ففيه مصالح خفية هو المستأثر بعلمها، قلنا: فالتزموا مثل ذلك في الأمر بما استبعدتموه.

و للقوم شبه تتعلق بالمطاعن في المعجزات، و نحن نذكر عمدهم منها في تضاعيف الكلام إن شاء اللّه عز و جل.

و الدليل على جواز إرسال اللّه الرسل و شرع الملل، أن ذلك ليس من المستحيلات التي يمتنع وقوعها لأعيانها، كاجتماع الضدين، و انقلاب الأجناس و نحوها، إذ ليس في أن يأمر الرب تعالى عبدا بأن يشرع الأحكام، ما يمتنع من جهة التحسين و التقبيح.

فإذا تبين ذلك؛ قلنا: بعده مسلكان؛ أحدهما أن ننفي أصل التقبيح و التحسين عقلا، فلا يبقى بعده إلا القطع بالجواز؛ و الثاني أن نسلم التقبيح جدلا، و نقول: الإرسال ليس مما يقبح لعينه، بخلاف الظلم، و الضرر المحض، و نحوهما، و لا يتلقى قبحه بأمر يتعلق بغيره؛ فإنه لا يمتنع أن يقع في المعلوم كون الانبعاث لطفا، يؤمن عنده العقلاء و يلتزمون قضيات العقول، و لولاه لجحدوا و عندوا. فهذا قاطع في إثبات جواز النبوءات.

و من القواطع في ذلك إثبات المعجزات كما نصفها، و دلالتها على صدق المتحدي. و إذا أوضحنا كونها أدلة على صدق مدعي النبوءة، ففي ذلك أبين رد على منكري النبوءة.

نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 125
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست