نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 107
و كل ما ترجمناه إلى منقطع
الاعتقاد، واقع في القسم الثالث من الأقسام التي رسمناها، و هو الكلام فيما يجوز
في أحكام اللّه تعالى.
فصل
العقل لا يدل على حسن شيء
و لا قبحه في حكم التكليف، و إنما يتلقى التحسين و التقبيح من موارد الشرع و موجب
السمع. و أصل القول في ذلك أن الشيء لا يحسن لنفسه و جنسه و صفة لازمة له، و كذلك
القول فيما يقبح و قد يحسن في الشرع ما يقبح مثله المساوي له في جملة أحكام صفات
النفس.
فإذا ثبت أن الحسن و القبح
عند أهل الحق لا يرجعان إلى جنس و صفة نفس، فالمعنى بالحسن ما ورد الشرع بالثناء
على فاعله، و المراد بالقبيح ما ورد الشرع بذمّ فاعله. و ذهبت المعتزلة إلى أن
التحسين و التقبيح من مدارك العقول على الجملة، و لا يتوقف إدراكهما على السمع، و
للحسن بكونه حسنا صفة؛ و كذلك القول في القبيح عندهم. هذه قاعدة مذهبهم، و ربما
يتخبطون فيها، و يمتنع عليهم في مجاري المذهب صرف الحسن و القبح إلى صفتين للحسن و
القبيح.
و مما يجب الإحاطة به قبل
الخوض في المحاجة، أن أئمتنا تجوزوا في إطلاق لفظة، فقالوا:
لا يدرك الحسن و القبح إلا
بالشرع، و هذا يوهم كون الحسن و القبح زائدا على الشرع، مع المصير إلى توقف إدراكه
عليه. و ليس الأمر كذلك؛ فليس الحسن صفة زائدة على الشرع مدركة به، و إنما هو
عبارة عن نفس ورود الشرع بالثناء على فاعله، و كذلك القول في القبيح. فإذا وصفنا
فعلا من الأفعال بالوجوب أو الحظر، فلسنا نعني بما نبينه تقدير صفة للفعل الواجب
يتميز بها عما ليس بواجب؛ و إنما المراد بالواجب الفعل الذي ورد الشرع بالأمر به
إيجابا، و المراد بالمحظور الفعل الذي ورد الشرع بالنهي عنه حظرا و تحريما.
ثم المعتزلة قسموا الحسن و
القبيح، و زعموا أن منها ما يدرك قبحه و حسنه على الضرورة و البديهة من غير احتياج
إلى نظر، و منها ما يدرك الحسن و القبح فيه بنظر عقلي. و سبيل النظر عندهم اعتبار
النظريّ من المحسنات و المقبحات بالضروريّ منها؛ بل يعتبر مقتضى القبيح و التحسين
في الضروريات فيلحق بها، ثم يرد إليها ما يشاركها في مقتضياتها. فالكفر عندهم
معلوم قبحه على الضرورة، و كذلك الضرر المحض الذي لا يتحصل فيه غرض صحيح، إلى غير
ذلك من تخيلاتهم.
و سبيلنا أن نوجه عليهم
القول، فنقول: ما ادعيتم قبحه أو حسنه ضرورة فأنتم فيه منازعون، و عن دعواكم
مدفوعون. و إذا بطل ادعاء الضرورة في الأصول، بطل رد النظريات إليها. و هذه
الطريقة على إيجازها تهدم أصول المعتزلة في التقبيح و التحسين. و إذا تناقضت هذه الأصول،
و قولهم في الصلاح و اللطف و أبواب الثواب و العقاب و غيرها متلقى منها، فينحسم
عليها أبواب الكلام في فصول التعديل و التجوير.
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 107