نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 105
عندهم من أفعال العباد،
واقعان بقدرة العباد، خارجان عن مقدور اللّه تعالى، فهما واقعان من العبد عندهم.
و ربما يستدلون في خلق
الأعمال بقوله تبارك و تعالى: فَتَبارَكَ اللَّهُ
أَحْسَنُ الْخالِقِينَ [سورة المؤمنون: 14]، و زعموا أن ذلك
يدل على اتصاف العباد بالخلق و الاختراع، و هذا و هم منهم و زلل.
فإن الخلق قد يراد به
التقدير، و من ذلك سمي الحذّاء خالقا لتقديره طاقة من النعل بطاقة، و منه قول القائل[1]:
و لأنت تفري ما خلقت و بع
ض القوم يخلق ثم لا يفري
و لما ذكر اللّه تعالى
إجراء النطفة في أطوار الخلق، في مدد مضروبة و أوقات مرقوبة مقدرة عنده، قال
تعالى: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ. معناه أحسن المقدرين. ثم العبد عند المعتزلة أحسن خلقا من اللّه
تعالى عن قولهم؛ فإن أحسن الخالقين من كان خلقه أحسن، و من خلق العبد الإيمان
باللّه، و هو أحسن خلقا من خلق الأجسام و أعراضها.
ثم نتمسك بعد ذلك بنصوص
الكتاب في وقوع الكائنات مرادة للّه تعالى. قال اللّه عز و جل:
وَ لَوْ أَنَّنا
نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ [سورة الأنعام: 111]، إلى
قوله تعالى: ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ [سورة الأنعام: 35]؛ و قال تعالى:
لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى؛
و قال تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ
لِلْإِسْلامِ، وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً
كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ [سورة الأنعام: 125]. و
النصوص التي استدللنا بها، عند ذكر الهدى و الضلال و الطبع و الختم، كلها دالة على
ما ننتحله.
فصل
التوفيق خلق قدرة الطاعة،
و الخذلان خلق قدرة المعصية؛ ثم الموفق لا يعصي إذ لا قدرة له على المعصية، و كذلك
القول في نقيض ذلك. و صرف المعتزلة التوفيق إلى خلق لطف يعلم الرب تعالى أن العبد
يؤمن عنده، و الخذلان محمول على امتناع اللطف. ثم لا يقع في معلوم اللّه تعالى
اللطف في حق كل واحد؛ بل منهم من علم اللّه تعالى أنه يؤمن لو لطف به، و منهم من
علم أنه لا يزيده ما آمن عنده غيره إلا تماديا في الطغيان و إصرارا على العدوان.
و يلزمهم من مجموع أصلهم
أن يقولوا: لا يتصف الرب تعالى بالاقتدار على أن يوفق جميع الخلائق، و هذا خلاف
الدين و نصوص الكتاب المبين، و قد قال تعالى:
وَ لَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ
[1] هو الشاعر زهير بن
أبي سلمى في قصيدة يمدح هرم بن سنان.
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 105