نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 97
ليتني كنت تبنة و ليتني
كنت طائرا. كلهم قد شغلهم خوف العاقبة عن الكبر مع عظم علمهم و عملهم. فكيف
يتكبرون بنسبهم إلى من هو عاطل عن خصالهم!
السبب الرابع الكبر بالمال
و الجمال و الأتباع:
و الكبر بهم جهل، فإنها
أمور خارجة عن الذات، أعني المال و الأتباع. و كيف يتكبر بخصلة تمتد إليها يد
السارق و الغاصب! و كيف يفتخر بالجمال و حمّى شهر تفسده و الجدريّ يزيله! و لو
تفكر الجميل في أقذار باطنه لأدهشه ذلك عن تزويق ظاهره، و لو لم يتعهد الجميل بدنه
أسبوعا بالغسل و التنظيف لصار أقذر من الجيفة، من تغيّر النكهة و الصّنان[1] و رائحة العذرة، و كراهية الوسخ و
المخاط و الرّمص[2]. فمن أين للمزبلة أن تفتخر بجمالها! و
الإنسان بالحقيقة مزبلة، فإنه منبع الأقذار و النجاسات.
الأصل التاسع العجب:
قال اللّه تعالى: وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ [التوبة: 25] الآية. و قال عز و جل:
وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً
[الكهف: 104]، و قال: فَلا[3] تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى [النجم: 32]. و قال- عليه السلام-: «ثلاث مهلكات:
شحّ مطاع، و هوى متبع، و
إعجاب المرء بنفسه». و قال ابن مسعود- رضي اللّه عنه-:
«الهلاك في اثنين: القنوط
و العجب». و إنما جمع بينهما لأن القانط لا يطلب السعادة لقنوطه، و المعجب لا
يطلبها لظنه أنه قد ظفر بها. و قال صلى اللّه عليه و سلم: «لو لم تذنبوا لخفت
عليكم ما هو أعظم من ذلك، العجب العجب». و قيل لعائشة- رضي اللّه عنها-: متى يكون
الرجل مسيئا؟ فقالت: «إذا ظن أنه محسن».
و نظر رجل إلى بشر بن
منصور و هو يطيل الصلاة و يحسن العبادة، فلما فرغ قال: «لا يغرّنك ما رأيت مني،
فإن إبليس عبد اللّه تعالى و صلّى آلاف السنين، ثم صار إلى ما صار إليه».