نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 94
و آخره جيفة قذرة، و هو
فيما بين ذلك يحمل العذرة، و يفهم قوله تعالى:
قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ، مِنْ نُطْفَةٍ
خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ، ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ، ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ [عبس: 17- 21]، فليعلم أنه خلق من كتم[1] العدم، و أنه لم يك شيئا مذكورا؛ فلا شيء أقل من العدم. ثم خلقه من
تراب، ثم من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة، ليس له سمع و لا بصر و لا حياة و لا
قوة. و خلق له ذلك كله و هو بعد غاية النقصان تستولي عليه الأمراض و العلل، و
يتضاد فيه الطبائع، فيهدم بعضها بعضا، فيمرض كرها و يجوع كرها، و يعطش كرها، و
يريد أن يعلم الشيء فيجهله، و يريد أن ينسى الشيء فيذكره، و يكره الشيء فينفعه،
و يشتهي الشيء فيضره، لا يأمن في لحظة من أن يختلس روحه أو عقله أو صحته أو عضو
من أعضائه، ثم آخره الموت و التعرض للعقاب و الحساب. فإن كان من أهل النار
فالخنزير خير منه، فمن أين يليق به الكبر و هو عبد مملوك ذليل لا يقدر على شيء.
قال الحسن البصري- رحمة اللّه عليه- لبعض من يتبختر في مشيته: «ما هذه المشية لمن
في بطنه خراء»، فكيف يليق الكبر بمن يغسل العذرة بيده مرتين في كل يوم، و هو حامل
لها على الدوام؟
[فصل فى علاج الكبر على
التفصيل]
علاج الكبر على التفصيل
بالنظر إلى ما به التكبر، و هو أربع خصال:
الأولى العلم:
قال صلى اللّه عليه و سلم:
«آفة العلم الخيلاء». و قال- عليه السلام-: «لا تكونوا من جبابرة العلماء، فلا يفي
علمكم بجهلكم». و قلّ ما يخلو العالم من آفة الكبر، فإنه يرى نفسه فوق الناس
بالعلم الذي هو أشرف فضيلة عند اللّه عزّ و جل، فيتكبّر تارة بالدّين بأن يرى نفسه
عند اللّه عز و جل أفضل من غيره، و تارة في الدنيا بأن يرى حقّه واجبا على الناس،
و يتعجب منهم إن لم يتواضعوا له، و هذا لأن يسمّى جاهلا أولى، لأنّ العلم الحقيقيّ
ما يعرف به ربه و نفسه و خطر خاتمته و حجة اللّه عز و جل عليه، و يلاحظ الخاتمة
فلا يرى جاهلا إلا و يقول: إنه عصى اللّه تعالى بجهل، و أنا عصيته بعلم، فحجة
اللّه تعالى علي آكد. قال أبو الدرداء- رضي اللّه عنه-: من ازداد علما ازداد
تواضعا. قال اللّه تعالى