responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 77

إليه. لا سيما إذا طوّل اللسان فيه، فإنه مظلوم من الحاسد، فقد طلب الحاسد زوال نعمة الدنيا منه، فأضاف إليه نعمة الآخرة و حصل لنفسه مع عذاب الدنيا عذاب الآخرة، فهو كمن رمى عدوه بحجر فلم يصب عدوه، و عاد إلى عينه فأعماها، و زادت عليه شماتة عدوه إبليس، فإنه فاتته النعمة وفاته الرضاء بالقضاء، و لو رضي به لكان فيه ثواب، لا سيما إذا حسد على العلم و الورع، فإن محب العلم يعظم ثوابه.

و أما العلاج العملي: فهو أن يعرف حكم الحسد و ما يتقاضاه من قول و فعل، فيخالفه و يعمل بنقيضه، فيثني على المحسود، و يظهر الفرج بنعمته، و يتواضع له؛ و بذلك يعود المحسود صديقا له، و يزايله الحسد، و يتخلص من إثمه و ألمه، قال اللّه تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ‌ [فصلت: 34].

فصل لعلّ نفسك لا تطاوعك على التسوية بين عدوك و صديقك‌

، بل تكره مساءة الصديق دون العدوّ، و تحب نعمة الصديق دون العدوّ. و لست مكلفا بما لا تطيق، فإن لم تقدر على ذلك فتتخلص من الإثم بأمرين: أحدهما، أن لا تظهر الحسد بلسانك و جوارحك و أعمالك الاختيارية، بل تخالف موجبها. و الثاني، أن تكره من نفسك حبّها زوال نعمة اللّه تعالى عن عبد من عباده. فإذا اقترنت الكراهة عن باعث الدين بحب زوال النعمة التي اقتضاه الطبع، اندفع عنك الإثم. و ليس عليك تغيير الطبع، فإن ذلك لا تقدر عليه في أكثر الأحوال. و علامة الكراهية أن تكون بحيث لو قدرت على إزالة نعمته لم تقدم على الإزالة مع حبك لها، و لو قدرت على معونته في دوام نعمته أو في زيادتها فعلت مع كراهيتك لذلك. فإذا كنت كذلك، فلا إثم عليك فيما يتقاضاه طبعك، فإن الطبع إنما يصير مقهورا في حق المستهتر باللّه، الذي انقطع نظره عن الدنيا و عن الخلق؛ بل علم أنّ المنعم عليه إن كان في النار فما تنفع هذه النعمة، و إن كان في الجنة فأي نسبة لهذه النعمة إلى الجنة؛ بل يرى كلّ الخلق عباد اللّه تعالى فيحبهم لأنهم عباد لمحبوبه. و يحب أن يظهر أثر نعمة محبوبه على عباده، و هذه حالة نادرة لا تدخل تحت التكليف.

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 77
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست