responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 67

الأصل الثاني شره الكلام:

و ذلك لا بد من قطعه، فإن الجوارح كلها تؤثر أعمالها في القلب، و لكن اللسان أخص به، لأنه يؤدي عن القلب ما فيه من الصور، فتقتضي كل كلمة صورة في القلب محاكية لها، فلذلك إذا كان كاذبا حصل في القلب صورة كاذبة، و اعوجّ به وجه القلب، و إذا كان في شي‌ء من الفضول مستغنى عنه، اسودّ به وجه القلب و أظلم، حتى تنتهي كثرة الكلام إلى إماتة القلب؛ و لذلك عظم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أمر اللسان فقال: «من يتوكل لي بما بين لحييه‌ [1] و رجليه أتوكل له بالجنة». و سئل عن أكثر ما يدخل النار، فقال عليه السلام:

«الأجوفان: الفم و الفرج». و قال عليه السلام: «و هل يكبّ الناس على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟». و قال: «من صمت نجا». و قال له معاذ: أي الأعمال أفضل؟ فأخرج لسانه و وضع عليه يده، و قال: «إن أكثر خطايا ابن آدم في لسانه». و قال عليه السلام:

«من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت». و قال عليه السلام: «من كثر كلامه كثر سقطه، و من كثر سقطه كثرت ذنوبه، و من كثرت ذنوبه فالنار أولى به». و لهذا كان الصدّيق- رضي اللّه عنه- يضع حجرا في فيه ليمنع نفسه من الكلام.

[فصل أن للسان عشرين آفة]

اعلم أن للسان عشرين آفة شرحناها في كتاب آفات اللسان. و يطول ذكرها، و يكفيك العمل بآية واحدة؛ قال اللّه تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ‌ [النساء: 114] الآية. و معناه أن لا تتكلم فيما لا يعنيك، و تقتصر على المهم، ففيه النجاة. قال أنس- رضي اللّه عنه: استشهد غلام منا يوم أحد فوجد على بطنه صخرة مربوطة من الجوع، فمسحت أمه التراب عن وجهه و قالت: هنيئا لك الجنة يا بنيّ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «و ما يدريك لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه، و يمنع ما لا يضره». و حدّ ما لا يعني هو الذي لو ترك لم يفت به ثواب، و لم تنتجز به ضرورة. و من اقتصر من الكلام على هذا قلّ كلامه، فليحاسب العبد نفسه عند ذكره ما لا يعنيه؛ إنه لو ذكر اللّه تعالى بدلا عن تلك الكلمة، لكان ذلك كنزا من كنوز السعادة، فكيف يسمح‌


[1] اللحيان: منبت اللحية، أو عظم الحنك.

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست