responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 45

يغفل عنها أهل الورع، و هي أنه حيث يكون الترك من الورع أو من حزازة في النفس، فلا يجوز الترك و السؤال بحيث يؤذي؛ فالمجهول إذا قدم إليك طعاما، فإن سألته من أين؟ استوحش و تأذّى؛ و الايذاء حرام، و سوء الظن حرام. و إن سألته عن غيره بحيث يدري زاد الإيذاء. و إن سألت بحيث لا يدري فقد تجسست و أسأت الظن، و بعض الظن إثم، و تساهلت بالغيبة و التهمة، و كل ذلك حرام. و ترك الورع ليس بحرام، فليس لك إلا التلطف بالترك، فإن لم يكن إلا بإيذاء، فعليك أن تأكل، فإن طيبة قلب المسلم و صيانته عن الإيذاء أهم من الورع. فإياك أن تكون من القرّاء المغرورين الذين لا يدركون دقائق الورع.

و اعلم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أكل من صدقة بريرة و لم يسأل عن المتصدق. و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم تحمل إليه الهدايا فيقبل و لا يسأل. نعم سأل في أول قدومه إلى المدينة عما حمل إليه هل هو صدقة أو هدية؟ لأن ذلك ليس فيه إيذاء، و لأن قرينة الحال كانت تقتضي الإمكان في الصدقة و الهدية على وتيرة واحدة. و كان صلى اللّه عليه و سلم يدعى إلى الضيافات فيجيب و لا يسأل و لم ينقل السؤال إلا نادرا في محل الريبة. فإن قلت: فإن وقع طعام حرام في سوق فهل يشتري من ذلك السوق؟ فأقول: إن تحققت أن الحرام هو الأكثر فلا تشتر إلا بعد التفتيش، و إن علمت أن الحرام كثير و ليس بالأكثر فلك الشراء. و التفتيش من الورع؛ و لقد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أصحابه- رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين- يشترون في أسفارهم من الأسواق، مع علمهم بأن فيها أهل الربا و الغصب و أهل الغلول‌ [1] في الغنيمة، و كانوا لا يتركون المعاملة معهم. و هذا الباب يستدعي شرحا طويلا، فإن رغبت فيه فطالع كتاب الحلال و الحرام من كتب الإحياء لتشهد عند مطالعته بأنه لم يصنف في فنه مثله في التحقيق و التحصيل و الإحاطة بجميع التفاصيل.

الأصل الثامن في القيام بحقوق المسلمين و حسن الصحبة معهم:

و هو ركن من أركان الدين، إذ الدين معناه السفر إلى اللّه تعالى. و من أركان السفر


[1] الغلول: الغش.

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست