responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 43

باعتقاده الطهارة، فيجب عليه الاستقصاء و المعاودة، و أولئك قوم شددوا على أنفسهم فشدد اللّه عليهم، فهلكوا باستقصائهم كما قال عليه السلام: «هلك المتنطّعون» [1].

فكذلك في الحلال، أنت متعبد بما يطمئن إليه قلبك، لا بما يفتي به المفتي، فاستفت قلبك.

فصل إياك أن تشدد على نفسك فتقول: أموال الدنيا كلها حرام‌

، و قد أخبثتها الأيدي العادية [2]، و المعاملات الفاسدة، فأقنع بالحشيش مترهبا، أو أتناول من الجميع متوسعا، لا أفصل فيه بين حلال و حرام. بل اعلم قطعا، أن الحلال بيّن‌ [3] و الحرام بيّن، و بينهما أمور متشابهات.

كذلك كان في عصر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و كذلك يكون أبد الدهر. فاستمد من السر الذي ذكرناه، فإنك غير متعبّد بما هو في نفسه حلال، بل بما هو في اعتقادك حلال، لا تعرف سببا ظاهرا في تحريمه؛ فقد توضأ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من مزادة [4] مشرك، و توضأ عمر- رضي اللّه عنه- من جرة نصرانية. و لو عطشوا لشربوا منه؛ و شرب الماء النجس حرام، و لكن استصحبوا يقين الطهارة، و لم يتركوها لتوهم النجاسة.

و كذلك كل مال صادفته في يد رجل مجهول عندك حاله، فلك أن تشتري منه و تأكل من ضيافته، تحسينا للظن بالمسلم؛ فإن الأصل أن ما في يده فهو حلال، و ما تصادفه في يد رجل عرفته بالصلاح فهو أولى بأن تعتقده حلالا. نعم يجب الحذر مما تصادفه في يد سلطان ظالم، أو رجل عرفته بالرّبا أو بيع الخمر. فيجب الحذر منه حتى تسأل و تستقصي، و تعرف من أين حصل له. فإن ظهر لك جهة حصوله و أنه حلال، فلك أخذه، و إلا فلا. فالاعتماد على العلامة الظاهرة، و هي قرينة حاله. و هذا إذا كان أكثر أمواله كذلك، فإن كان أكثرها حلالا فلك أن تأكل منه؛ و إن تركته فذلك ورع؛ فقد


[1] المتنطعون: المتحذقون الذين يتشدقون في كلامهم.

[2] العادية: الظالمة.

[3] بين: ظاهر.

[4] مزادة: ما يوضع فيه الزاد.

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 43
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست