نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 40
فصل اعلم أن طيب المطعم
له خاصية عظيمة في تصفية القلب
و تنويره و تأكيد استعداده
لقبول أنوار المعرفة، و فيه سر لا يحتمل هذا الكتاب ذكره؛ و لكن ينبغي أن تفهم أن
درجات الورع أربع:
الدرجة الأولى: هي التي
يجبّ[1] الفسق باقتحامها، و تزول العدالة
بزوالها، و هي التي يحرمها فتوى الفقهاء.
الثانية: ورع الصالحين؛ و
هو الحذر عما يتطرق إليه احتمال التحريم، و إن أفتى المفتي بحله بناء على الظاهر،
و هو الذي قال فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «دع ما يريبك إلى ما لا
يريبك».
الثالثة: ورع اليقين؛ قال
النبي صلى اللّه عليه و سلم: «لا يبلغ العبد درجة المتّقين حتى يترك ما لا بأس به
حذارا و مخافة مما به بأس». و قال عمر- رضي اللّه عنه-: «كنا ندع تسعة أعشار
الحلال مخافة الوقوع في الحرام». و من هذا الأصل كان بعضهم إذا استحق مائة درهم
اقتصر على تسعة و تسعين، و يترك الواحد حاجزا بينه و بين النار لخوف الزيادة، و
كان بعضهم يأخذ ما يأخذ بنقصان حبة، و يعطي ما يعطي بزيادة حبة؛ و لذلك أخذ عمر بن
عبد العزيز- رحمة اللّه عليه- أنفه حذرا من ريح المسك لبيت المال كان يوزن بين
يديه، و قال: «هل ينتفع إلا بريحه؟»، و من ذلك أن يتورع عن الزينة و أكل الشهوات،
خيفة من أن تغلب النفس فتدعوه إلى الشهوات المحظورة. و من ذلك ترك النظر إلى تجمل
أهل الدنيا، فإنه يحرك دواعي الرغبة في الدنيا؛ و لذلك قال اللّه تعالى: وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً
مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا [طه: 131]. و لذلك
قال عيسى ابن مريم- عليه السلام-: «لا تنظروا إلى أموال أهل الدنيا، فإن بريق
أموالهم يذهب بحلاوة إيمانكم». و لذلك قال السلف: «من رقّ ثوبه رق دينه». فالحلال
الطلق الطيب كل حلال انفكّ عن مثل هذه المخافة و لم يوجد فيها.
الرابعة: ورع الصدّيقين، و
هو الحذر عن كل ما لا يراد بتناوله القوة على طاعة اللّه تعالى إذا كان قد يتطرق
إلى بعض أسبابها معصية. فمن ذلك ما حكي أن ذا النون