responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 160

مشحون بالأقذار و الخبائث؛ و إنما يدرك بعين ظاهرة يغلب الغلط عليها، حتى ترى الكبير صغيرا، و البعيد قريبا، و القبيح جميلا. فكيف لا يتصور بالإدراك جمال الحضرة الربوبية، و الجلال الأزلي الأبدي، الذي لا يتصور انقطاعه و نقصانه، المدرك بالبصيرة الباطنة، التي هي أصدق و أوضح عند أهلها من البصر الظاهر؟ و من هذا الأصل قال الجنيد- رحمه اللّه- قلت لسرّي السقطي- رحمه اللّه-: هل يجد المحب ألم البلاء؟

قال: لا. قلت: و إن ضرب بالسيف؟ قال: لا، و إن ضرب بالسيف سبعين ضربة، ضربة على ضربة. و قال بعضهم: أحببت كل شي‌ء لحبه، حتى لو أحب النار أحببت الدخول في النار.

و قال عمر بن عبد العزيز- رحمه اللّه-: ما بقي لي فرح إلا في موقع قدر اللّه تعالى. و ضاع لبعض الصوفية ولد صغير ثلاثة أيام، فقيل له: لو سألت اللّه تعالى أن يرده عليك! فقال: اعتراضي عليه فيما قضى أشدّ علي من ذهاب ولدي.

الوجه الثاني من الرضاء: أن يحس بالألم و يكرهه بالطبع، و لكن يرضى به بعقله و إيمانه لمعرفته بجزالة الثواب على البلاء، كما يرضى المريض بألم الفصد، و شرب الدواء، لعلمه بأنه سبب الشفاء، حتى إنه ليفرح بمن يهدي إليه الدواء و إن كان بشعا.

و كذلك يرضى التاجر بمشقة السفر و هو خلاف طبعه. و هذا أيضا يشاهد مثله في الأغراض الدنيوية، فكيف ينكر في السعادة الأخروية؟ و روي أن امرأة فتح الموصلي الأنصاري عثرت فانقطع ظفرها فضحكت، فقيل لها: أ ما تجدين ألم الوجع؟ فقالت:

إن لذة ثوابه أزالت عن قلبي مرارة وجعه. فإذا من أيقن أن ثواب البلاء أعظم مما يقاسيه، لم يبعد أن يرضى به.

الوجه الثالث: أن تعتقد أن للّه تعالى تحت كل أعجوبة لطيفة بل لطائف، و ذلك يخرج عن قلبه. (لم و كيف) حتى لا يتعجب مما يجري على العالم مما يظنه الجاهل تشويشا و اضطرابا، و ميلا عن الاستقامة و يعلم أن تعجبه كتعجب موسى من الخضر- عليه السلام- لما خرق سفينة الأيتام، و قتل الغلام، و أعاد بناء الجدار، كما في سورة «الكهف». فلما كشف الخضر عن السر الذي اطلع عليه، سقط تعجبه، و كان تعجبه بناء على ما أخفي عنه من تلك الأسرار. و كذلك أفعال اللّه تعالى، مثاله: ما حكي عن رجل‌

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 160
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست