نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 158
[فصل إنما ضعفت شهوة
معرفة اللّه تعالى لزحمة سائر الشهوات]
إنما ضعفت شهوة معرفة
اللّه تعالى لزحمة سائر الشهوات، و إنما خفيت معرفة اللّه تعالى مع جلائها لشدة
ظهورها؛ و مثاله: أنك تعلم أن أظهر الأشياء المحسوسات، و منها المبصرات، و منها
النور الذي به يظهر لك الأشياء. ثم لو كانت الشمس دائمة لا تغيب و لا يقع لها ظل،
لكنت لا تعرف وجود النور، و كنت تنظر إلى الألوان فلا ترى إلا الحمرة و السواد و
البياض. فأما النور فلا تدركه إلا بأن تغيب الشمس، أو يقع لها حجاب بما له ظل،
فتدرك- باختلاف الأحوال بين الظلمة و الضياء- أن النور شيء آخر، يعرض للألوان
فتصير مبصرة؛ و لو تصوّر للّه سبحانه غيبة أو لأنوار قدرته حجاب عن بعض الأشياء
لأدركت من التفاوت ما يضطر معه إلى المعرفة. و لكن الموجودات كلها، لما تساوت في
الشهادة لخالقها بالوحدانية من غير تفاوت، خفي الأمر لشدّة جلائه. و لو تصور
انقطاع أنوار قدرته عن السموات و الأرض، لانهدمت و انمحقت و أدرك في الحال من
التفاوت ما يضطر إلى المعرفة بالقدرة و القادر.
و هذا مثال ما ذكرناه، و
تحته أسرار، و فيه مواقع غلط؛ فاجتهد، لعلك تقف على أسراره، و لا ترتبك في مواقع
غلطه، فمنه غلط من قال: إنه في كل مكان. و كل من نسبه إلى مكان أو جهة فقد ذلّ
فضلّ، و رجع غاية نظره إلى التصرف في محسوسات البهائم، و لم يجاوز الأجسام و
علائقها. و أول درجات الإيمان مجاوزتها، فيه يصير الإنسان إنسانا فضلا عن أن يصير
مؤمنا.
[فصل فى أن للمحبة
علامات كثيرة]
اعلم أن للمحبة علامات
كثيرة، يطول إحصاؤها. و من علاماتها تقديم أوامر اللّه تعالى على هوى النفس، و
التوقّي بالورع، و رعاية حدود الشرع. و من علاماتها الشوق إلى لقاء اللّه، و الخلو
عن كراهية الموت إلا من حيث يتشوق إلى زيادة المعرفة، فإن لذة المشاهدة بقدر كمال
المعرفة، فإنها بدء المشاهدة، فتختلف لا محالة باختلافها. و من علاماتها الرضاء
بالقضاء بمواقع قدر اللّه عز و جل؛ فلنذكر معنى الرضاء حتى لا يغتر الإنسان بما
يصادف في نفسه من خطرات تخطر، فيظن أنها حقيقة الحب للّه تعالى، فإن ذلك عزيز
جدّا.
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 158