responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 133

فإنهما داخلان فيه؛ بل الرتبة الأولى في معارف الإيمان التقديس، ثم إذا عرفت ذاتا مقدسة و عرفت أنه لا مقدس إلا واحد، فهو التوحيد. ثم إذا علمت أن كل ما في العالم فهو موجود من ذلك الواحد، و الكل نعمة منه خاصة، فهو الحمد. و إلى هذا الترتيب الإشارة بقوله صلى اللّه عليه و سلم: «من قال سبحان اللّه، فله عشر حسنات، و من قال لا إله إلا اللّه، فله عشرون حسنة، و من قال الحمد للّه، فله ثلاثون حسنة». و هذا لأن التقديس و التوحيد داخلان في الحمد و زيادة، و هذه الدرجات بإزاء هذه المعارف. و أما حركة اللسان ففضلها بحسب صدورها عن المعرفة أو تجديدها للاعتقاد في القلب، فإن الفم آلة لإزالة الغفلة لينمحي أثرها.

و اعلم أنك إذا اعتقدت أن لغير اللّه دخلا في النعمة الواصلة إليك لم يصح حمدك، و لم تتم معرفتك و شكرك، و كنت كمن يخلع عليه الملك و هو يرى أن لعناية الوزير دخلا في خلعة الملك أو في إيصاله إليه. أو في تيسيرها؛ و كل ذلك اشتراك في النعمة، و يتوزع فرحك في النعمة عليهما. نعم، لو رأيت الخلعة الواصلة إليك بتوقيع الملك بقلمه، فذلك لا يقصر من شكرك، لأنك تعلم أن القلم مسخر له، لا دخل له في النعمة بنفسه؛ و لذلك لا يلتفت قلبك إلى الفرح بالقلم و الشكر له؛ و لذلك قد لا يلتفت إلى الخازن و الوكيل إذ يعلم أنهما مضطران إلى العطاء بعد الأمر، مسخران لا مدخل لهما بأنفسهما في النّعمة.

فكذلك من انفتحت بصيرته علم أن الشمس و القمر و النجوم مسخرات بأمر اللّه تعالى، كالقلم و الكاغد [1] و الحبر في التّوقيع؛ و أن قلوب الخلق خزائن اللّه تعالى، و مفاتيحها بيد اللّه عز و جل، فيفتحها بأن يسلط عليها دواعي جازمة حتى يعتقد أن خيرها في البذل مثلا، و عند ذلك لا يستطيع ترك البذل، فيكون مضطرا إلى الاختيار لما سلط عليه من دواعي الاختيار، فإنه لا يعطيك أحد شيئا إلا لغرض نفسه ليستفيد به في الآجل ثوابا، و في العاجل ثناء و ذكرا، أو غير ذلك؛ و ما لم يعلم أن منفعته في منفعتك، فلا يعطيك؛ فإذا ليس هو منعما عليك إذ يسعى لنفسه، إنما المنعم عليك من سخره و سلّط هذه الدواعي عليه، و قرر في نفسه أن غرضه منوط بالأداء و الإنعام. فإن عرفت الأمور


[1] الكاغد: الورق، أو القرطاس، و الكلمة فارسية.

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 133
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست