نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 120
فأوحى اللّه إلى نبيّ
زمانه أن ذنبك لو كان فيما بيني و بينك لغفرته لك، و لكن كيف بمن أضللت من عبادي
فأدخلتهم النار. و على الجملة، فلا باعث على التوبة إلا الخوف الصادر عن البصيرة و
المعرفة، فلنذكر فضيلة الخوف.
الأصل الثاني في الخوف:
و قد جمع اللّه تعالى
للخائفين الهدى و الرحمة و العلم و الرضوان، و ناهيك بذلك فضلا، فقال تعالى: هُدىً وَ رَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ [الأعراف: 154]، و قال: إِنَّما يَخْشَى
اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ [فاطر: 28]، و قال اللّه
تعالى: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ. ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ
رَبَّهُ [البيّنة: 8]. و قال صلى اللّه عليه و سلم: «رأس الحكمة مخافة
اللّه»، و قال عليه السلام: «من خاف اللّه تعالى خافه كل شيء، و من خاف غير اللّه
تعالى خوّفه اللّه من كل شيء»، و قال عليه السلام: «قال اللّه تعالى: و عزتي و
جلالي لا أجمع على عبدي خوفين، و لا أجمع له أمنين، فإذا أمنني في الدنيا أخفته
يوم القيامة، و إذا خافني في الدنيا أمّنته يوم القيامة».
[فصل فى حقيقة الخوف]
اعلم أن حقيقة الخوف هو
تألم القلب و احتراقه بسبب توقع مكروه في الاستقبال.
و قد يكون ذلك الخوف من
جريان ذنوب، و قد يكون الخوف من اللّه تعالى بمعرفة صفاته التي توجب الخوف لا
محالة، و هذا أكمل و أتم، لأن من عرف اللّه خافه بالضرورة، و لذلك قال اللّه
تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ [فاطر: 28]. و قد أوحى اللّه تعالى إلى داود عليه السلام: «خفني كما
تخاف السّبع الضّاري»؛ و لذلك قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «أنا أخوفكم للّه
تعالى». و اعلم أن الواقع في مخالب السبع إنما لا يخافه إذا لم يعرف السّبع، فإنّ
من علم أن من صفة السبع أنه يهلكه و لا يبالي، فإن تركه لم يكن لرقته عليه و
شفقته، فإنه أحقر عنده من أن يشفق عليه، فلا بد من أن يخاف، و للّه المثل الأعلى و
هو العزيز الحكيم، و لكن من عرف أنه لو أهلك الأولين و الآخرين لم يبال و لم ينقص
شيء من ملكه قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ
يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً [المائدة: 17]. و كم أهلك من عباده في الدنيا، و عرّضهم لأنواع
العذاب و لم تأخذه رقة و لا شفقة، فإن ذلك محال عليه، فلا بد و أن
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 120