responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 119

السعادة و الشقاوة على ما ليس إليه جهل، فمن أين يعلم أنه يبقى إلى أن يتوب؟ و إنّ أكثر صياح أهل النار من التسويف، لأنهم سوّفوا حتى فاجأهم مرض ساقهم إلى الموت، كيف، و إنما يسوّف لأنه يعجز عن قمع الشهوات في الحال! فإن كان ينتظر يوما يسهل فيه قمع الشهوات، فهذا يوم لم يخلق أصلا، بل مثاله مثال امرئ يريد أن يقلع شجرة عجز عنها لضعفه و قوة رسوخ الشجرة، فيؤخر إلى السنة القابلة و هو يعلم أن الشجرة تزداد كلّ يوم رسوخا، و قوته تزداد كل يوم قصورا و نقصانا، و ذلك غاية الجهل.

الرابع: أن يعد نفسه بالكرم و العفو، و ذلك غاية الحمق أوردها الشيطان في معرض الدّين؛ قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «الكيّس من دان نفسه و عمل لما بعد الموت، و الأحمق من أتبع نفسه هواها و تمنّى على اللّه تعالى».

الخامس: أن يكون- و العياذ باللّه- شاكّا في أمر الآخرة؛ و قد ذكرنا علاجه في خاتمة الأخلاق الذميمة.

فصل‌

التوبة من الذنوب كلها مهمة واجبة، و عن الكبائر أهم؛ و الإصرار على الصغيرة أيضا كبيرة؛ فلا صغيرة مع إصرار و لا كبيرة مع رجوع و استغفار، و تواتر الصغائر عظيم التأثير في تسويد القلب، و هو كتواتر قطرات الماء على الحجر، فإنه يحدث فيه حفرة لا محالة، مع لين الماء و صلابة الحجر. و تعظم الصغيرة بأسباب:

إحداها: أن يستصغرها العبد و يستهين بها، فلا يغتم بسببها؛ قال بعضهم:

الذنب الذي لا يغفر قول العبد ليت كل شي‌ء عملته مثل هذا. الثاني: السرور بها، و التبجح بسببها، و اعتقاد التمكن منها نعمة، حتى أن المذنب ليفتخر فيقول: ما رأيتني كيف شتمته، و كيف مزقت عرضه، و كيف خدعته في المعاملة؟ و ذلك عظيم التأثير في تسويد القلب. الثالث: أن يتهاون بستر اللّه عليه، و يظن أن ذلك لكرامة عند اللّه تعالى، و لا يدري أنه ممقوت؛ و قد أمهل ليزداد إثما فيكون في الدرك الأسفل من النار. الرابع:

أن يجاهر بالذنب و يظهره، أو يذكره بعد فعله؛ و في الخبر: كل الناس معافى إلا المجاهرون. الخامس: أن يصدر الصغيرة عن عالم يقتدى به، فذلك عظيم، لأنه يبقى بعد موته، فطوبى لمن مات و ماتت معه ذنوبه؛ و من سنّ سنّة سيئة فعليه وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة. و روي أن بعض علماء بني إسرائيل تاب عن ذنوبه و بدعته،

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 119
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست