نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 117
فإنه مبعد عن اللّه، و
الاشتغال بإماطته توبة، لأنه رجوع عن طريق البعد إلى طريق القرب.
فإن خلا عن جميع ذلك فلا
يخلو عن غفلة عن اللّه، و ذلك أيضا طريق البعد. و يلزمه الرجوع عنه بالذكر، و لذلك
قال اللّه تعالى: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ
[الكهف: 24]، و إن كان حاضرا على الدوام؛ و أنّى يتصور ذلك؟ فلا يخلو عن ملازمة
مقام نازل عن المقامات الرفيعة وراءه، و عليه أن يترقى منه إلى ما فوقه؛ و مهما
ترقى منه استغفر عن مقامه الذي خلّفه، لأنه تقصير بالإضافة إلى ما أدركه؛ و ذلك لا
نهاية له، فذلك قال عليه السلام: «و إنه ليغان[1] على قلبي حتى أستغفر اللّه تعالى في اليوم و الليلة سبعين مرة».
و كل ذلك كان توبة منه؛
إلا أن توبة العوام عن الذنوب الظاهرة، و توبة الصالحين عن الأخلاق الذميمة
الباطنة، و توبة المتقين عن مواقع الريبة، و توبة المحبين عن الغفلة المنسية
للذكر، و توبة العارفين عن الوقوف على مقام يتصور أن يكون وراءه مقام:
و المقامات في القرب من
اللّه لا نهاية لها، فتوبة العارف لا نهاية لها أيضا.
[فصل فى ان علاج التوبة
حل عقدة الاصرار]
التوبة إذا اجتمعت
شرائطها، فهي مقبولة لا محالة. و لا يخفى عليك ذلك إن فهمت معنى القبول؛ فمعنى
القبول: أن يحصل في قلبك استعداد القبول لتجلي أنوار المعرفة في القلب، و إنما
قلبك كالمرآة يحجبه عن التجلي كدورات الشهوة و الرغبة فيها، و يرتفع من كل ذنب
ظلمة إليه، و من كل حسنة نور إليه، فالحسنات تصقل النفس، و لذلك قال النبي صلى
اللّه عليه و سلم: «أتبع السيئة الحسنة تمحها». و نسبة التوبة إلى القلب نسبة
الصابون إلى الثوب، و لا بد أن يزول منه الوسخ إذا استعمل فيه على وجهه. و من تاب
فإنما يشك في قبول التوبة لأنه ليس يستيقن تمام شروطها، كما أن من شرب المسهل لا
يستيقن حصول الإسهال به لأنه لا يدري وجود تمام الشرائط في أدويتها، و لو تصور أن
يعلم ذلك، لتصوّر أن يعلم القبول في حق الشخص المعين. و لكن هذا الشك في الأعيان
لا يشكّكنا في أنّ التوبة في نفسها بطريق القبول لا محالة.
فصل
علاج التوبة حل عقدة
الإصرار، فإنه لا مانع منها سوى الإصرار، و لا حامل عليه