نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 108
ينبغي أن يتركه بل ينبغي
أن يستمر على عبادته و يجتهد في دفع باعث الرياء.
خاتمة في مجامع الأخلاق
و مواقع الغرور فيها:
اعلم ان الأخلاق المذمومة
كثيرة، و لكن ترجع أصولها إلى ما ذكرناه. و لا يكفيك تزكية النفس عن بعضها حتى
تتزكى عن جميعها. و لو تركت واحدا منها غالبا عليك، فذلك يدعوك إلى البقية، لأن
بعض هذه يرتبط بالبعض، و يتقاضى بعض الأخلاق الذميمة بعضا، و لا ينجو إلا من أتى
اللّه بقلب سليم، و السلامة المطلقة لا تنال بدفع بعض الأمراض، بل إنما تنال
بالصحة المطلقة، كما أنّ الحسن لا يحصل بحسن بعض الأعضاء ما لم يحسن جميع الأطراف،
و النجاة في حسن الخلق. قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «أثقل ما يوضع في الميزان
خلق حسن»، و قد قال النبي عليه السلام: «بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». و قيل له: ما
الدين؟ قال عليه السلام: «الخلق الحسن»، و قال عليه السلام:
«حسن الخلق خلق اللّه
تعالى». و قال عليه السلام: «أفضل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا». و قد كثرت
الأقاويل في حقيقته و بيان حدّه؛ و الأكثرون تعرضوا لبعض ثمراته، و لم يحيطوا
بجميع تفصيله؛ و الذي يطلعك على حقيقته، أن تعلم أن الخلق و الخلق عبارتان فيراد
بالخلق الصورة الظاهرة، و بالخلق الصورة الباطنة، و ذلك لأن الإنسان مركّب من جسد
يدرك بالبصر، و من روح و نفس يدرك بالبصيرة لا بالبصر، و لكل واحد منهما هيئة، إما
قبيحة و إما حسنة. و النفس المدركة بالبصيرة أعظم قدرا، و لذلك أضافه اللّه عز و
جل إلى نفسه، و أضاف البدن إلى الطين، فقال:
إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ، فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ
رُوحِي [ص: 71، 72]، و وصف الروح بأنه أمر رباني فقال:
قُلِ الرُّوحُ مِنْ
أَمْرِ رَبِّي [الإسراء: 85]، و أعني بالرّوح و النفس هاهنا معنى واحدا و هو
الجوهر العارف المدرك من الإنسان بإلهام اللّه تعالى، كما قال: وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها،
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها
[الشمس: 7- 10]، و كما أن للحسن الظاهر أركانا كالعين و الأنف و الفم و الخد- و لا
يوصف الظاهر بالحسن ما لم يحسن جميعها- فكذلك الصورة الباطنة لها أركان لا بدّ من
حسن جميعها حتى يحسن الخلق، و هي أربعة معان: قوة العلم، و قوة الغضب، و قوة
الشهوة، و قوة العدل، بين هذه القوى الأربع؛ فإذا استوت هذه الأركان الأربعة، و
اعتدلت، و تناسقت، حصل حسن الخلق.
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 108