نام کتاب : استقصاء النظر في القضاء و القدر نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 35
قدرة الجماد، و من أسند
الأفعال إلى اللّه تعالى ينفي الفرق بينهما، و يحكم بنفي ما قضت الضرورة بثبوته.
قال أبو الهذيل العلّاف[1]- و نعم ما قال-: حمار بشر أعقل من
بشر، فإنّ حمار بشر لو أتيت به إلى جدول صغير و ضربته للعبور فإنّه يطفر[2] و لو أتيت به إلى جدول كبير و ضربته
فإنّه لا يطفر و يروغ عنه لأنّه فرق بين ما يقدر على طفره و ما لا يقدر عليه، و
بشر لا يفرق بين المقدور عليه و غير المقدور.
الثّاني:
إنّه لو كانت الأفعال
كلّها منسوبة إلى اللّه تعالى لم يبق عندنا فرق بين من أحسن إلينا غاية الإحسان، و
من أساء إلينا غاية الإساءة طول عمره، و كان يقبح منّا شكر الأوّل و مدحه، و ذمّ
الثاني، لأنّ الفعلين صادران عن اللّه تعالى لا عن الفاعلين، و لمّا علمنا بطلان
ذلك، و أنّه يحسن مدح الأوّل و ذمّ الثاني علمنا أنّ العلم باستناد الأفعال إلينا
قطعيّ لا يقبل الشكّ.
الثّالث:
إنّه لو كانت الأفعال
صادرة عن اللّه تعالى قبح منه أن يأمرنا و ينهانا و يكلّفنا، كما أنّه يقبح من
أحدنا أمر الزّمن بالطّيران إلى السّماء، لأنّا عاجزون عن امتثال هذه الأفعال،
لاستحالة صدورها عنّا
كما أنّ الزّمن عاجز عن
ذلك؛ و كما أنّه يقبح منّا أمر الواقع من شاهق
[1] هو محمد بن عبد
اللّه بن مكحول البصري المشتهر بالعلّاف من زعماء المعتزلة و ممّن شيّد أركان
الاعتزال، و إليه تنتمي الفرقة الهذيليّة من المعتزلة، له كتب، منها: كتاب
الملابس، و كتاب في مناظراته مع علي الميثمي؛ توفي ببلدة سرّ من رأى سنة 235، و
قيل غيرها.