عين لكل نوع ما يصلحه ويعيش به ، أو أقواتا تنشأ منها بأن خص حدوث كل قوت بقطر من أقطارها ، وقرئ « وقسم فيها أقواتها في أربعة أيام » في تتمة أربعة أيام كقولك سرت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام وإلى الكوفة في خمسة عشر يوما ، ولعلة قال ذلك ، ولم يقل في يومين للإشعار باتصالهما باليومين الأولين والتصريح على الفذلكة.
أقول : الأظهر من هذا الخبر أن المراد بتقدير الأقوات خلق النباتات والثمار والحبوب التي هي أقوات الحيوانات ، ويحتمل أن يكون الخلق في الخبر بمعنى التقدير أي جعلها مهيأة لأن ينبت منها أرزاق العباد « سَواءً » أي استوت سواء بمعنى استواء ، والجملة صفة أيام وتدل عليه قراءة يعقوب بالجر وقيل : حال من الضمير في أقواتها أو فيها ، وقرئ بالرفع على هي سواء « لِلسَّائِلِينَ » متعلق بمحذوف تقديره هذا الحصر للسائلين عن مدة خلق الأرض ، وما فيها أو بقدر ، أي قدر فيها الأقوات للطالبين لها « ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ » قصد نحوها من قولهم استوى إلى مكان كذا إذا توجه إليه توجها لا يلوي على غيره ، والظاهر أن ثم لتفاوت ما بين الخلقين ، لا للتراخي في المدة لقوله « وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها » ودحوها متقدم على خلق الجبال من فوقها « وَهِيَ دُخانٌ » أمر ظلماني ، ولعله أراد به مادتها والأجزاء المصغرة التي ركبت منها « فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ » فخلقهن خلقا إبداعيا وأتقن أمرهن ، والضمير للسماء على المعنى أو مبهم ، وسبع سماوات حال على الأول وتميز على الثاني « فِي يَوْمَيْنِ » قيل : خلق السماوات يوم الخميس والشمس والقمر والنجوم يوم الجمعة هذا بعض كلام البيضاوي في تفسير هذه الآية [١] أوردناه ليتضح به معنى الخبر وقد سبق منا بعض الكلام فيها وبقي هيهنا إشكال وهو أن مدلول الخبر ينافي ظاهر الآية من