ان ما يجده احدنا في باطنه هو العزم على الطلب و تخيله و هو ممكن و
ليس بسفه و أما نفس الطلب فلا شك في كونه سفها بل قيل هو غير ممكن لان وجود الطلب
بدون من يطلب منه شيء محال (و) الجواب (عن الثانى ان الشيء القديم الصالح
للامور) المتعددة (قد يتعلق ببعض) من تلك الامور (دون بعض كالقدرة القديمة) فانها
تتعلق ببعض المقدورات و هو ما تعلقت الإرادة به منها دون بعض فان قيل مخصص القدرة
هو الإرادة فلا بد في الكلام أيضا في مخصص و يعود الكلام إليه و يلزم التسلسل قلنا
تعلق الكلام ببعض دون آخر كتعلق الإرادة لذاتها ببعض ما يصح تعلقها به دون بعض فلا
تسلسل على ما مر
و أما المنقول فوجوه
الاول القرآن ذكر لقوله تعالىوَ هذا ذِكْرٌ
مُبارَكٌ) و قوله (وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ
لِقَوْمِكَمع قوله تعالىما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ) و قوله تعالىوَ ما
يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ) فانهما يدلان على
ان الذكر محدث فيكون القرآن محدثا (الثاني) قوله تعالى (إِنَّما
أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)اذ معناه اذا
أردنا شيئا قلنا له كن (فيكون) قوله (كُنْ)و هو قسم من كلامه (متأخرا عن الإرادة) الواقعة في الاستقبال لكونه
جزاء له (و) يكون (حاصلا قبل كون الشيء) أي وجوده بقرينة الفاء
فيه كوننا مأمورين و منهيين ضمنا و تبعا (قوله لان وجود الطلب بدون
من يطلب منه شيء محال) قالوا انما يكون محالا اذا طلب من المعدوم أن يأتى بالفعل
وقت عدمه و أما لو طلب منه أن يأتى به حال وجوده فلا و الحق أن نفس الطلب من
المعدوم و ان كان المطلوب الاتيان حال الوجود محل اشكال (قوله فلا بد في الكلام
أيضا من مخصص) فان قلت لم لا يجوز أن يكون مخصص تعلق الكلام كالقدرة هو الإرادة
قلت لان تعلق الكلام قديم عند الاشاعرة فلو كان مخصصه الإرادة لزم حدوثه (قوله
كتعلق الإرادة لذاتها) فيه أن تخصص التعلق لذاته شأن الإرادة فقط و لو جوز في
غيرها لصح تعلق القدرة لذاتها أيضا فلا يثبت صفة الإرادة على أن تعلق الكلام اذا
كان لذاته يلزم اما الترجيح بلا مرجح أو الايجاب في الاوامر و النواهى و يصير
التكليف واجبا عليه تعالى و أيضا يشكل النسخ و سيشير الى جوابهما (قوله فانهما يدلان
على أن الذكر محدث) يرد عليه انهما لا يدلان على أن كل ذكر محدث لان قوله محدث صفة
لقوله ذكر فلا يتكرر الوسط بل يكون القياس كقولنا زيد انسان و كل انسان كاتب فهو
كذا (قوله الثانى قوله تعالى*إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍالخ) فيه سهو اذ ليس نظم
الآية كما ذكره المصنف بل في صورة النحل هكذا انما قولنا لشيء اذا أردناه و في
سورة يس هكذا انما أمره اذا أراد شيئا الآية (قوله لكونه جزاء له) هذا اذا جعل اذا
شرطية و ان جعلت ظرفية كان ظرف زمان خاص بالمستقبل بحسب الوضع فيكون المعنى انما
قولنا لشيء حين أردناه في المستقبل هو قولنا له كن فيكون قوله كن واقعا في
الاستقبال و الواقع فيه حادث فيكون قوله كن مع انه كلام اللّه تعالى حادثا سواء
أطلق عليه القرآن أو جعل القرآن حكاية عنه على انه لا وجه للثانى كما