للكتاب (في ذكر الفرق التي أشار إليها الرسول صلى اللّه عليه و سلم
بقوله ستفترق أمتى ثلاثا و سبعين فرقة كلها في النار الا واحدة و هى ما أنا عليه و
أصحابى و كان ذلك من معجزاته حيث وقع ما أخبر به) قال الآمدي كان المسلمون عند
وفاة النبي عليه السلام على عقيدة واحدة و طريقة واحدة الا من كان يبطن النفاق و
يظهر الوفاق ثم نشأ الخلاف فيما بينهم أولا في أمور اجتهادية لا توجب ايمانا و لا
كفرا و كان غرضهم منها اقامة مراسم الدين و ادامة مناهج الشرع القويم و ذلك
كاختلافهم عند قول النبي في مرض موته ائتونى بقرطاس اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدى
حتى قال عمر ان النبي قد غيبه الوجع حسبنا كتاب اللّه و كثر اللغط في ذلك حتى قال
النبي قوموا عني لا ينبغي عندي التنازع و كاختلافهم بعد ذلك في التخلف عن جيش
اسامة فقال قوم بوجوب الاتباع لقوله عليه السلام جهزوا جيش اسامة لعن اللّه من
تخلف عنه و قال قوم بالتخلف انتظارا لما يكون من رسول اللّه في مرضه و كاختلافهم
بعد ذلك في موته حتى قال عمر من قال ان محمدا قد مات علوته بسيفى و انما رفع الى
السماء كما رفع عيسى ابن مريم و قال أبو بكر من كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات و
من كان يعبد إله محمد فانه حي لا يموت و تلا قوله تعالىوَ ما
مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُالآية فرجع القوم
الى قوله و قال عمر كأنى ما سمعت هذه الآية الا الآن و كاختلافهم بعد ذلك في موضع
دفنه بمكة أو المدينة أو القدس حتى سمعوا ما روى عنه من أن الأنبياء يدفنون حيث
يموتون و كاختلافهم في الامامة و ثبوت الارث عن النبي كما مر و في قتال مانعى
الزكاة حتى قال عمر كيف نقاتلهم و قد قال عليه
و ينقص (قوله و تلا قوله تعالىوَ ما مُحَمَّدٌ
إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُالآية) قيل في الاستدلال
بهذه الآية بحث اذ مثلها وردت في حق المسيح بن مريم صلى اللّه تعالى عليه و سلم مع
انه لم يمت بالاتفاق قال اللّه تعالى فى سورة المائدةمَا الْمَسِيحُ
ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُو الأولى الاستدلال بقوله
تعالىإِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَو الجواب ان القصر في قوله
تعالىوَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌالآية قصر افراد كما ذكر
في التلخيص فان الشيطان لما صرخ يوم أحد ان محمدا صلى اللّه تعالى عليه و سلم قتل
و استعظم الصحابة رضى اللّه عنهم ذلك جعلوا كأنهم ينكرون وفاته و يدعون انه صلى
اللّه عليه و سلم جامع بين الرسالة و التبرى عن الهلاك فنزلت الآية و معناها حينئذ
ان محمدا صلى اللّه عليه و سلم مقصور عن الرسالة لا يتعداها الى التبرى عن الهلاك
و من البين انها حينئذ تصير حجة على عمر رضى اللّه عنه و أما الآية التي وردت في
حق المسيح عليه السلام فمعناها و اللّه اعلم ان المسيح مقصور على الرسالة لا
يتعداها الى الالوهية و استحقاق العبادة بدليل ما قبل الآية و هو قوله تعالىلَقَدْ كَفَرَ
الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍو مرادهم ثالث ثلاثة
مستحقين للعبادة و لذا رد اللّه تعالى عليهم بقولهوَ ما مِنْ
إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ