بالسجود له (و أمر الادنى بالسجود للافضل هو السابق الى الفهم و
عكسه على خلاف الحكمة) لان السجود أعظم أنواع الخدمة و اخدام الافضل للمفضول مما
لا تقبله العقول و اذا كان آدم أفضل منهم كان غيره من الأنبياء كذلك اذ لا قائل
بالفضل (لا يقال السجود يقع على انحاء فلعله لم يكن سجود تعظيم) له اذ يجوز أن
يكون سجودهم للّه و آدم كان كالقبلة لهم و على تقدير كونه لآدم جاز أن يكون عرفهم
في السجود كونه قائما مقام السلام في عرفنا لا يكون غاية فى التواضع و الخدمة لان
هذه قضية عرفية يجوز اختلافها باختلاف الازمنة و أيضا جاز أن يكون أمرهم بالسجود
ابتلاء لهم ليتميز المطيع منهم عن العاصي فلا يدل على تفضيله عليهم في شيء من هذه
الاحتمالات (لانا نقول) قوله (أ رأيتك هذا الّذي كرمت عليّ و أنا خير منه خلقنى من
نار و خلقته من طين يدل على انه اسجاد تكرمة) و تفضيل (و ينفي سائر الاحتمالات) اذ
لم يتقدم هناك ما يصرف إليه التكريم سوى الامر بالسجود* (الثانى قوله تعالىوَ عَلَّمَ
آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) الى قولهقالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنافانه يدل على ان
آدم علم الاسماء كلها و لم يعلموها (و العالم أفضل من غيره لان الآية سبقت لذلك و
لقوله تعالىقُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا
يَعْلَمُونَ (الثالث
و شمول الامر اياهم فثبت المطلوب (قوله و عكسه على خلاف الحكمة) به
ظهر ان أهل السنة يقولون برعاية مقتضى الحكمة و ان لم يقولوا بوجوبها (قوله و
اخدام الافضل للمفضول مما لا يقبله العقول) و أما قوله عليه السلام سيد القوم
خادمهم فعلى الاستعارة و التمثيل فان الخادم كالسيد فى اصلاح المهام و المصالح و
قد يجاب بأن الخدمة من عند نفسه غير الامر بالخدمة الّذي هو معنى الاخدام و فيه
الكلام و الحق ان التكليف مختلف حسب اختلاف المصالح و الازمان و لذا اختلف الشرائع
فلعل المصلحة عند خلافة آدم عليه السلام سجود الملائكة له و فى زمان آخر عكسه و قد
يؤيد ذلك بأن الحكمة فى أمرهم بالسجود على ما روى فى التفاسير اظهار ما فى قلوبهم
من الانقياد و التسليم و ذلك انما يظهر بأمر الافضل أو المساوى (قوله و أيضا جاز
الخ) و أيضا يجوز أن يكون هناك حكمة أخرى لا نعلمها (قوله لانا نقول قوله أ رأيتك
الخ) قيل هذا انما يدل ان ابليس لعنة اللّه عليه فهم هذا التكريم فلعله أمر بما
يفهم منه التكريم ابتلاء لا تكريما و لو صح فالدليل هذا القول لا الامر بالسجود و
جوابه ما سمعته من الاستاذ المحقق و هو ان سنة اللّه سبحانه و تعالى جرت فى كلامه
على انه تعالى اذا حكى كلاما عن قوم و لم ينكر عليهم دل على مطابقته للواقع و بهذا
رد على من قال ان قوم لوط كانوا يطلبون منه عليه السلام ان يزوجهم بناته و كان
عليه السلام يمتنع منه لقوله تعالى حكاية عنهم بلا انكارقالُوا لَقَدْ
عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَمن حق و اذا ثبت بهذا ان
الامر بالسجود كان للتكريم كان نفس الامر به دليلا على المطلوب كما لا يخفى (قوله
لان الآية سيقت لذلك) فيه دفع لما يقال ان لهم علوما جمة أضعاف العلم بالاسماء لما
شاهدوا من اللوح المحفوظ و حصلوا فى الازمنة المتطاولة بالتجارب و الانظار
المتوالية فلا يلزم بما ذكر أفضلية آدم عليه السلام منهم و وجه