يكون من نوع أو صنف لا تتعلق به (كحمل الجبل و الطيران الى السماء
فهذا) أي التكليف بما لا يطاق عادة (نجوزه) نحن (و ان لم يقع بالاستقراء و لقوله
تعاليلا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهاو تمنعه
المعتزلة) لكونه قبيحا عندهم (و به) أى بما ذكرناه من التفصيل و تحرير المتنازع
فيه (يعلم ان كثيرا من أدلة أصحابنا مثل ما قالوه فى ايمان أبى لهب) و كونه مأمورا
بالجمع بين المتناقضين (نصب للدليل في غير محل النزاع) اذ لم يجوزه أحد و لقائل أن
يقول ما ذكره من ان جواز التكليف بالممتنع لذاته فرع تصوره و ان بعضا منا قالوا
بوقوع تصوره يشعر بأن هؤلاء يجوزونه
المقصد الثامن في ان أفعال اللّه تعالى ليست معللة بالاغراض
إليه ذهبت الاشاعرة) و قالوا لا يجوز تعليل أفعاله تعالى بشيء من
الاغراض و العلل الغائية و وافقهم على ذلك جهابذة الحكماء و طوائف الالهيين (و
خالفهم فيه المعتزلة) و ذهبوا الى وجوب تعليلها و قالت الفقهاء لا يجب ذلك لكن
أفعاله تابعة لمصالح العباد تفضلا و احسانا (لنا) في اثبات مذهبنا (بعد ما بينا من
انه لا يجب عليه) تعالي (شيء) فلا يجب حينئذ أن يكون فعله معللا بغرض (و لا يقبح
منه شيء) فلا يقبح أن تخلوا أفعاله عن الاغراض بالكلية و ذلك يبطل مذهب المعتزلة
(وجهان) يبطلان المذهبين معا أعني وجوب التعليل و وقوعه تفضلا (أحدهما لو كان فعله
تعالى لغرض) من تحصيل مصلحة أو دفع مفسدة (لكان) هو (ناقصا لذاته مستكملا بتحصيل
أو انقلاب أخباره كذبا فتأمل (قوله و لقائل أن يقول ما ذكره الخ) يرد
عليه ان هذا الاعتراض انما يتوجه على ما حمل هو كلام المصنف عليه من ان المراد بما
قالوا فى ايمان أبي لهب انه مكلف بأن يؤمن بجملة ما أتى به النبي عليه السلام و من
جملتها انه لا يؤمن فيكون تكليفا بالجمع بين المتناقضين و أما اذا حمل على ان
المراد بما قالوه انه تعالى علم عدم ايمانه و أخبر به و مع هذا كلفه بالايمان
فيكون تكليفا بما لا يطاق فصح قول المصنف انه ليس بمحل النزاع لانه من القسم الأول
و لم يرد عليه ما أورده (قوله ليست معللة بالاغراض) فان قلت اتفق الفريقان على
ترتب المصالح على أفعال اللّه تعالى فالنزاع فى انها مسماة بالغرض أم لا نزاع فى
التسمية فهو بحث لغوى لا كلامى قلت الغرض هو العلة الباعثة على الفعل فالنزاع فى
ان تلك المصالح هل هى باعثة للبارى تعالى و سبب الاقدام على فعله أم لا و لا شك
انه بحث كلامى لا لغوى (قوله جهابذة الحكماء) جمع جهبذة و هو لفظ معرب معناه
الحاذق الماهر (قوله مستكملا بتحصيل ذلك الغرض) قيل القائل أن يقول ان أردتم
باستكماله بالفرض حصول صفة كمال له بسبب الفعل فلا نسلم استحالته لجواز ان يكون
كاملا لذاته و يحصل له بسبب كل فعل كمال و يتجدد له استحقاق المدح لاجله و ان
أردتم به غير ذلك فبينوه و انما لم يذكر المصنف هذا المنع اعتمادا على ما مر فى
جواب المعتزلة حيث