المسافة مركبة من اجزاء غير متناهية لا يمكن للسريع قطعها فى زمان
متناه فلا يلحق البطيء قطعا (و بطلان اللازم) و هو امتناع قطع المسافة المتناهية
في زمان متناه و عدم لحوق السريع للبطيء (دليل بطلان الملزوم) و هو كون تلك
المسافة مركبة من اجزاء موجودة بالفعل غير متناهية و يحكى ان العلاف لما أورد هذا
الالزام على النظام التجأ الى القول بالطفرة فقال ان المتحرك قد يقطع المسافة بان
يحاذى بعض أجزائها دون بعض و لا حاجة له الى هذه المكابرة بل يكفيه ان يقول كما ان
المسافة المتناهية مركبة من أجزاء موجودة غير متناهية كذلك الزمان المتناهي مشتمل
على أجزاء غير متناهية فيتقابل أجزاء المسافة و الزمان معا فيمكن قطعها فيه و اعلم
ان النظام لم يكن قائلا بالجزء الّذي لا يتجزأ و تركب الجسم منه الا انه لزمه ذلك
من حيث لا يدرى فانه لما وقف على أدلة نفاة الجزء و لم يقدر على ردها أذعن لها و
حكم بان الجسم ينقسم انقسامات لا تتناهى لكنه لم يفرق بين ما هو موجود في الشيء
بالقوة و بين ما هو موجود فيه بالفعل فظن ان جميع الانقسامات التي لا تتناهى حاصلة
(قوله و هو كون تلك المسافة الخ) فان قيل بطلان اللازم المذكور انما
يستلزم بطلان تركب المسافة من أجزاء غير متناهية و كل مسافة متركبة من أجزاء غير
متناهية قلت تناهى الاجزاء فى الامتدادات الثلاثة يستلزم تناهي الشكل بناء على ان
الاجزاء التي وسط المسافة المتناهية للاجزاء التى فى الامتدادات الثلاثة المتصلة
بعضها ببعض لا يزيد عليها فى العدد انه لا يجوز ان يتصل بجزء واحد جزءان أو نقول
المراد كون المسافة من حيث هي مسافة أي من حيث وقع فيها الحركة متناهية و النظام
يقول بعدم التناهي بالفعل في كل امتدادات غير متناهية اذ لو تناهت في امتداد بناء
على ان جميع الانقسامات الممكنة عنده حاصلة بالفعل و الانقسامات فى كل امتداد غير
متناهية اذ لو تناهت في امتداد لزم الجزء و ما فى حكمه (قوله و لا حاجة له) أى
للنظام الى هذه المكابرة و هي القول بالطفرة و مما يدل على كونه مكابرة انما هذا
القلم فيحصل خط السواد من غير ان يبقى في خلاله أجزاء بيض و ليس كذلك لفرط اختلاط
الاجزاء البيض فى السود بحيث لا امتياز فى الحس لان الاجزاء مصلقون عنها كثيرا بل
لا نسبة لها الاجزاء بالسواد لكونها غير متناهية
هاهنا هو ايراد لازم آخر باطل فلو قال لم يلحق المتحرك الساكن لكان
هذا اللازم مندرجا فى اللازم الاول فلم يحصل المقصود هذا خلف (قوله كذلك الزمان
التناهي مشتمل على أجزاء غير متناهية) هذا مع القول بتناهى الآنات المتجددة مكابرة
أيضا فان بداهة العقل يقتضي عدم تناهي الزمان المركب من الآنات الغير المتناهية
المتتالية فى التحقيق كما لا يخفى