التضايف و التضاد لان دلالة التقدم على نفى التضايف ظاهرة جدا و
يقرب منها دلالته على نفي التضاد بخلاف القسمين الباقيين فان تعقل الملكة متقدم
على تعقل العدم و كذا تعقل الايجاب متقدم على تعقل السلب و جعل التقويم دالا على
نفي ما عدا التضايف لظهور دلالته عليه و اما دلالته على نفى التضايف فانما تظهر
اذا لوحظ استلزامه التقويم و اذا لم يكن بين ذاتي الوحدة و الكثرة شيء من الاقسام
الاربعة التي للتقابل لم يكن بينهما تقابل بالذات (بل بينهما مقابلة بالعرض و ذلك
لاضافة عرضت لهما و هي المكيالية و المكيلية فان الواحد) أى الوحدة (مكيال للعدد و
عاد له) بمعنى أنه اذا أسقطت الوحدة منه مرة بعد أخرى فنى بالكلية (و العدد مكيل
بالوحدة و معدود بها و الشيء من حيث أنه مكيال لا يكون مكيلا و بالعكس) فلذلك لم
يجز أن يكون الشيء واحدا و كثيرا معا من جهة واحدة و الا كان مكيالا من حيث أنه
مكيل و هو محال لان المكيالية و المكيلية متضايفتان فبين الوحدة و الكثرة تقابل
التضايف
الوجود و لا لانه لا يكون بينهما غاية الخلاف لان ذلك شرط في التضاد
الحقيقى بل لان التقويم يقتضي كون أحدهما محصلا لوجود الآخر و الضدية يقتضي كونه
مبطلا له و ما قيل ان البلقة متقوم بالبياض و السواد مع كونه ضدا لهما فمدفوع بان
البلقة الحاصلة في كل جسم متقوم بالبياض و السواد الحاصلين في بعضه و الضد لهما
انما هو السواد و البياض الحاصلين في كله (قوله و يقرب الخ) باعتبار عدم وجوب
التقدم فيه (قوله فان تعقل الملكة الخ) لان تعقل الاضافة المأخوذة في مفهوم العدم
و السلب يتوقف على تعقل الطرف الآخر فلا يظهر دلالة التقدم على انتفائهما و ان كان
تقدمهما في التعقل و تقدم الوحدة على الكثرة في الخارج (قوله اذا لوحظ الخ) اذ لا
مانع في المتضايفين من التقويم سوى ذلك الاستلزام
(قوله و يقرب منها دلالته على نفى التضاد) أى دلالة التقدم وجوبا لا
مطلق التقدم و وجه الدلالة أن المتضادين و ان لم يجب معيتهما لكن لا يجب تقدم
احدهما (قوله فان تعقل الملكة متقدم على تعقل العدم) فان قلت تقدم تعقل الملكة
تقدم ذهنى و الكلام فى التقدم الخارجي بين الوحدة و الكثرة اذ على تقدير وجودهما
تكون الوحدة جزءا خارجيا للكثرة متقدمة عليها بحسب الخارج ذاتا قلت بعد تسليم
وجودهما تقدم العدم على الملكة تقدما خارجيا و ان لم يجب بل لم يجز لكنه لما وجب
التقدم الذهنى لم يظهر التعليل على نحو ظهوره في الاولين و الكلام في عدم الظهور
لا في عدم الجريان (قوله أي الوحدة) فسر الواحد بالوحدة لان الكلام في العدد و هو
الوحدات لا في المعدود الذي هو الواحد