كما ذهب إليه الامام الرازى و اما بالاستدلال (لان العلة متقدمة
على المعلول فلو كان الشيء علة لعلته لزم تقدمه) على علته المتقدمة عليه فيلزم
تقدمه (على نفسه بمرتبتين فان قيل) لا شك أن العلة لا يجب تقدمها بالزمان كما في
حركتى اليد و الخاتم بل بالذات فحينئذ نقول (معنى التقدم بالعلية) و الذات (ان كان
نفس العلية كان قولك لزم تقدم الشيء على علته جاريا مجرى قولك لزم علية الشيء
لعلته فيمنع بطلانه لانه عين المتنازع فيه) بحسب المعنى و ان كان مخالفا له في
اللفظ (و ان أردت به) أي بتقدم العلة على معلوله (أمرا وراء ذلك) المذكور الّذي هو
العلية (فلا بد من تصويره) أولا (ثم تقريره) و اثباته باقامة الدليل عليه ثانيا
(فانا من وراء المنع في المقامين) اذ لا يتصور هناك للتقدم معنى سوى العلية و لئن
سلمنا أن له مفهوما سواها فلا نسلم أن ذلك المفهوم ثابت للعلة (فالجواب) أن يقال
(معنى تقدم العلة) على معلولها هو (أن العقل يجزم بأنها ما لم يتم لها وجود) فى
نفسها (لم توجد غيرها) فهذا الترتيب العقلى هو المسمى بالتقدم الذاتى (و هو المصحح
لقولنا كانت العلة فكان المعلول من غير عكس فان أحدا لا يشك في أنه يصح أن يقال
تحركت اليد فتحرك الخاتم و لا يصح أن يقال تحرك الخاتم فتحركت اليد) فبالضرورة
هناك معنى يصحح ترتب المعلول على العلة بالفاء و يمنع من عكسه فلذلك قال (و التقدم
بهذا المعنى
(قوله قولك) أى مقولك المعتبر تقديرها لاثبات الملازمة و ان لم يكن
مذكورا صريحا (قوله فيمنع بطلانه) و أيضا فسلا معنى لقوله بمرتبتين حينئذ و لم يقل
بمنع الملازمة لاتحاد المقدم و التالي لانه يكفيها المغايرة الاعتبارية كما يقال
لو كان زيد انسانا لكان حيوانا ناطقا (قوله المذكور) يعني تذكير ذلك المشار به الى
نفس العلية بتأويل المذكور [قوله فلا نسلم ان ذلك المفهوم ثابت للعلة] فضلا عن
اللزوم فلا يصح الملازمة المدلول عليها بقوله لو كان الشيء علة لعلته كان متقدما
على علته (قوله فالجواب ان الخ) اختيار للشق الثاني (قوله معنى تقدم الخ) فيصير
حاصل الاستدلال لو كان الشيء علة لعلته لزم ترتب الشيء على نفسه بحيث يصح دخول
الفاء بينهما بان يقال وجد زيد فوجد زيد و التالى باطل فكذا المقدم
[قوله لان العلة متقدمة على المعلول] المراد بها العلة الفاعلية
سواء كانت علة تامة أيضا كما في بعض البسائط أم لا و أما العلة التامة للمركبات
فقد عرفت انها لا تتقدم على المعلول أصلا ثم لا يتعقل كون كل من مركبين علة تامة
للآخر فلا حاجة الى نفيه