الوجه المعلوم و الوجه المجهول (أمرا ثالثا) هو المطلوب (يقومان)
أي الوجهان (به) و هذا القيد اعنى قيام الوجهين بالامر الثالث زائد على كلام هذا
المثبت و فيه حزازة لجواز أن يكون أحد الوجهين جزءا و اطلاق القيام عليه مستبعد
جدا الا أن يراد به الحمل (و لا حاجة) فى دفع هذه الشبهة (إليه) أي الى اثبات
الامر الثالث لانها قد اندفعت بما حققناه مع ان اثباته مخالف للواقع و ذلك لانا
اذا أردنا تعريف مفهوم لنتصوره فلا بد أن تكون ذات ذلك المفهوم
و اتحادهما به و المعلوم معلوم مطلقا و المجهول مجهول مطلقا لا يمكن
طلب شيء منهما فان أجيب على رأي المتقدمين فالجواب ما ذكره المصنف و هو انا لا
نسلم ان الوجه المجهول مجهول مطلقا لانه اذا كان الوجه المعلوم معلوما من حيث
الاتحاد بذلك الشيء و المجهول مجهولا من تلك الحيثية كان الوجه المجهول معلوما من
حيث اتحاد الوجه المعلوم به و لا معنى حينئذ لجواب نقد المحصل اذ المطلوب ليس أمرا
ثالثا عندهم و ان أجيب على رأي المتأخرين فالجواب ما ذكره في النقد و هو انه لا
يلزم من امتناع طلب الوجهين امتناع طلب الامر الثالث الّذي هو ذو الوجهين فكما ان
الوجه المعلوم صار آلة لملاحظة الشيء و مرآة لانكشافه كذلك يطلب ذلك الشيء بان
يصير أمر آخر آلة لملاحظته و مرآة له و تفصيله ان عارض الشيء قد يلاحظ في نفسه
فيكون العارض معلوما و الشيء مغفولا عنه بالكلية و قد يجعل آلة لملاحظته و حينئذ
يكون معلوما باعتبار ذلك العارض مجهولا باعتبار آخر فيتحد المعلوم و المجهول لكنه
معلوم من حيثية و مجهول من حيثية أخرى و لا استحالة فيه و لا معنى حينئذ لجواب
المصنف اذ ليس المطلوب عندهم الوجه حتى يجاب بان الوجه المجهول ليس مجهولا مطلقا
فتدبر و اللّه الموفق و أما ما ذكره الشارح من انه الزام للامام حيث اعترف بمغايرة
الوجهين لذى الوجهين ففيه ان العبارة المشعرة بالتغاير ليس الا قوله لكن لما
اجتمعا في شيء واحد اذ لا بد من التغاير بين الظرف و المظروف و هو لا يقتضي
التغاير بالذات لجواز ان يكون مراده لما اجتمعا في شيء واحد هو الكل من حيث هو كل
بل نقول لا بد من حمل كلامه على ذلك اذ لو حمل على التغاير بالذات لم يتم التقريب
اذ لا يلزم من انتفاء الاجمال في الوجهين انتفاء الاجمال في الشيء ذى الوجهين و
حينئذ لا يتم الالزام اذ ليس في الحقيقة الا الوجهان و لا يمكن طلب شيء منهما
(قوله مستبعد جدا) اذ القيام بمعنى العروض و الحصول به ممتنع في الجزء و أما بمعني
الاختصاص الناعت أو التبعية في التحيز فلأنه لا تتصوّر النعتية و التبعية الا بعد
تعقل وجود كل منهما بدون الآخر و لا يعقل وجود الكل بدون الجزء و لاجل الخفاء في
عدم صحة المعنيين الآخرين قال مستبعد جدا دون غير صحيح
(قوله أحد الوجهين جزءا الخ) فى كونه جزءا كفاية في ان القيام هاهنا
غير واقع موقعه فلهذا اقتصر عليه و الا فيجوز ان يكون كلا الوجهين جزءا