العاشر- لو كانت الإمامة حقا لعلي، غصبها أبو بكر، و رضيت الجماعة بذلك، و
قاموا بنصرته دون علي (رضي اللّه عنه) لما كانوا خير أمة أخرجت للناس يأمرون
بالمعروف، و ينهون عن المنكر. و اللازم باطل. و هذه الوجوه و إن كانت ظنيات فنصب
الإمام من العمليات، فيكفي فيه الظن على أنها باجتماعها ربما تفيد القطع لبعض
المنصفين. و لو سلم فلا أقل من صلوحها سندا للإجماع و تأييدا.
قال: احتجت الشيعة بوجوه لهم في إثبات إمامة علي (رضي اللّه عنه) بعد
النبي (صلى اللّه عليه و سلّم) وجوه من العقل و النقل و القدح فيمن عداه من أصحاب
رسول اللّه الذين قاموا بالأمر، و يدعون في كثير من الأخبار الواردة في هذا الباب
التواتر بناء على شهرته فيما بينهم و كثرة دورانه على ألسنتهم، و جريانه في
أنديتهم، و موافقته لطباعهم، و مقارعته لأسماعهم. و لا يتأملون له كيف خفي على
الكبار من الأنصار و المهاجرين و التقاة من الرواة و المحدثين. و لم يحتج به البعض
على البعض و لم يبنوا عليه الإبرام و النقض، و لم يظهر إلا بعد انقضاء دور الإمامة
و طول العهد بأمر[1]الرسالة، و ظهور التعصبات الباردة و التعسفات الفاسدة، و إفضاء امر
الدين إلى علماء السوء، و الملك إلى أمراء الجور. و من العجائب أن بعض المتأخرين
من المتشغبين الذين لم يروا أحدا من المحدثين، و لا رووا حديثا في أمر الدين ملئوا
كتبهم[2]من أمثال هذه الأخبار و المطاعن[3]في الصحابة الأخيار، و إن شئت فانظر في كتاب التجريد المنسوب إلى
الحكيم نصير الطوسي[4]كيف نصر الأباطيل، و قرر الأكاذيب؟ و العظماء من عترة النبي و أولاد
الوصي الموسومون بالدراية، المعصومون في الرواية لم يكن معهم هذه الأحقاد و
التعصبات، و لم يذكروا من
[4]هو محمد بن محمد بن الحسن، أبو جعفر،
نصير الدين الطوسي، فيلسوف كان رأسا في العلوم العقلية، علامة بالأرصاد و المجسطي
و الرياضيات علت منزلته عند «هولاكو» ولد بطوس عام 597 ه و توفي عام 672 ه صنف كتبا جليلة منها «شكلالقطاع» و تحرير
أصول اقليدس و تجريد العقائد يعرف بتجريد الكلام، و تلخيص المحصل و غير ذلك. راجع
فوات الوفيات 2: 149 و الوافي 1:
179 و ابن الوردي 2: 223 و شذرات 5: 339
و مفتاح السعادة 1: 261.