العباسية، و لقوله (صلى اللّه عليه و سلّم): «الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم تصير ملكا عضوضا» [1] و قد تم ذلك بخلافة علي (رضي اللّه تعالى عنه) فمعاوية و من بعده ملوك و أمراء لا أئمة و لا خلفاء. و اللازم منتف، لأن ترك الواجب معصية و ضلالة. و الأمة لا تجتمع على الضلالة.
قلنا: إنما يلزم الضلالة لو تركوه [2] عن قدرة و اختيار لا عجز و اضطرار، و الحديث مع أنه من باب الآحاد يحتمل الصرف إلى الخلافة على وجه الكمال.
و هاهنا بحث آخر، و هو أنه إذا لم يوجد إمام على شرائطه، و بايع طائفة من أهل الحل و العقد [3] قرشيا فيه بعض الشرائط، من غير نفاذ لأحكامه، و طاعة من العامة لأوامره، و شوكة بها يتصرف في مصالح العباد، و يقدر على النصب و العزل لمن أراد، هل يكون ذلك إتيانا بالواجب؟ و هل يجب على ذوي الشوكة [4] العظيمة من ملوك الأطراف، المتصفين بحسن السياسة و العدل و الإنصاف أن يفوضوا الأمر إليه بالكلية و يكونوا لديه كسائر الرعية؟ و قد يتمسك بمثل قوله تعالى: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [5].
و قوله (صلى اللّه عليه و سلّم): «من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية».
فإن وجوب الطاعة و المعرفة يقتضي وجوب الحصول، و إما أنه لا يجب علينا عقلا، و لا على اللّه أصلا فلما مر من بطلان الأصلين.