أنه لو كان عالما بعلم كما في الشاهد لكان العلمان متماثلين
لتعلقهما بالمعلوم من وجه واحد، فيلزم اشتراكهما في القدم أو الحدوث بخلاف
العالمية فإنها فيه يتعلق الذات و فينا يتعلق العلم. و لكانت علومه[1]غير متناهية لكونه عالما بما لا نهاية له و لكان فوقه عليهم لقوله
تعالى:
وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ[2]قلنا لا يلزم من الاشتراك في اللازم التماثل و لا من التماثل
الاستواء في الصفات، و لا يمتنع كثرة تعلقات الواحد و لو إلى غير نهاية و لا تخصيص
العمومات).
قال: و في نفي العلم تمسكوا في امتناع كونه عالما بالعلم[3]بوجوه:
الأول:أنه لو كان كذلك لزم حدوث علمه، أو قدم علمنا، و كلاهما ظاهر
البطلان، وجه اللزوم أنه إذا تعلق علمنا بشيء مخصوص تعلق به علمه كان كلاهما على
وجه واحد، و هو طريق تعلق العلم بالمعلوم. لا أن يكون علمه به[4]بطريق تعلق الذات، و علمنا به[5]بطريق تعلق العلم كما في عالميته، و عالميتنا. و إذا كان كلاهما
على وجه واحد كانا متماثلين، فيلزم استواؤهما في القدم أو الحدوث.
و الجواب: أن تعلقهما من وجه واحد لا يوجب تماثلهما لجواز اشتراك
المختلفات في لازم واحد.
[3]العلم ضربان: إدراك ذات الشيء. و
الثاني: الحكم على الشيء بوجود شيء هو موجود له. أو نفي شيء هو منفي عنه.
فالأول: هو المتعدى إلى مفعول واحد. قال تعالى:لا
تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ.
و الثاني: المتعدى إلى مفعولين: نحو قوله تعالى:فَإِنْ
عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍو قوله:يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ
قالُوا: لا عِلْمَ لَناإشارة إلى أن عقولهم قد طاشت.