(قال: و الاتحاد محكى عن النصارى في حق عيسى عليه السلام، و عن بعض
الغلاة في حق أئمتهم[1]و عن بعض المتصوفة في حق كلمتهم، و أما ما يدعي بعضهم من ارتفاع
الكثرة عند الفناء في التوحيد، أو أنه لا كثرة في الوجود أصلا فبحث آخر).
و القول بالحلول يعني كما قامت الدلالة على امتناع الحلول و الاتحاد
على الذات فكذا على الصفات، بل أولى لاستحالة انتفاء[2]الصفة عن الذات، و الاحتمالات التي يذهب إليها أوهام المخالفين في
هذا الأصل ثمانية[3].
حلول ذات الواجب أو صفته في بدن الإنسان أو روحه، و كذا الاتحاد.
و المخالفون منهم نصارى و منهم[4]منتمون إلى[5]الإسلام.
أما النصارى:
فقد ذهبوا إلى أن اللّه تعالى جوهر واحد، ثلاثة أقانيم[6]، هي الوجود و العلم و
الحياة، المعبر عنها عندهم، بالأب، و الابن، و روح القدس على ما يقولون: أبا ابنا
روحا قدسا، و يعنون بالجوهر القائم بنفسه، و بالأقنوم الصفة، و جعل الواحد ثلاثة
جهالة، أو ميل إلى أن الصفات نفس الذات، و اقتصارهم على العلم و الحياة دون القدرة
و غيره جهالة أخرى، و كأنهم يجعلون القدرة راجعة إلى الحياة، و السمع و البصر إلى
العلم ثم قالوا: إن الكلمة و هي أقنوم العلم، اتحدت بجسد المسيح، و تدرعت بناسوته
بطريق الامتزاج كالخمر بالماء عند