السواء، و لا تساوي بين مشيئته و مشيئة[1]غيره، و لا بين علمه و علم غيره، و كذا جميع الصفات. و أشنع من ذلك
امتناع الملاحدة عن إطلاق اسم الموجود عليه[2].
و أما الامتناع عن إطلاق الماهية، فمذهب كثير من المتكلمين. لأن
معناها المجانسة[3]، يقال ما هذا الشيء من أي
جنس هو؟.
قالوا: و ما روي أن أبا حنيفة[4]رحمه اللّه كان يقول: «إنللّه تعالى مشيئة[5]لا
يعلمها إلا هو» ليس بصحيح، إذ لم يوجد في كتبه، و لم ينقل عن أصحابه العارفين
بمذهبه. و لو ثبت فمعناه أنه يعلم نفسه بالمشاهدة لا بدليل أو خبر أو أن له اسما
لا يعلمه غيره، فإن لفظة[6]ما
قد يقع سؤالا عن الاسم.
قال الشيخ أبو منصور[7]رحمه
اللّه: إن سألنا سائل عن اللّه تعالى[8]ما
هو؟.
قلنا:إن أردت ما اسمه؟ فاللّه الرحمن الرحيم. و إن أردت ما صفته؟ فسميع
بصير، و إن أردت ما فعله؟ فخلق المخلوقات و وضع كل شيء موضعه، و إن أردت ما
ماهيته[9]؟ فهو متعال عن المثال و
الجنس.
[3]التجانس و كذا المجانسة: بحسب
الاصطلاح الكلامي الاتحاد في الجنس كالإنسان و الفرس، و هما من أقسام الوحدة، كذا
في شرح المواقف و الأصول. و هكذا عند الحكماء على ما يفهم من استعمالاتهم.
راجع كشاف اصطلاحات الفنون ج 1 ص 328.
[4]هو النعمان بن ثابت، أبو حنيفة إمام
الحنفية، الفقيه المجتهد المحقق أحد الأئمة الأربعة عند اهل السنة ولد عام 80 ه
بالكوفة، و كان يبيع الخز و يطلب العلم في صباه، ثم انقطع للتدريس و الافتاء من
كتبه (مسند في الحديث) و الفقه الأكبر توفي عام 150 ه. راجع تاريخ بغداد 13- 323 و
ابن خلكان 2: 163، و النجوم الزاهرة 20: 12 و البداية و النهاية 10: 107.
[7]هو محمد بن محمد بن محمود أبو منصور
الماتريدي، من أئمة علماء الكلام نسبته الى ماتريد محلة بسمرقند من كتبه التوحيد،
و أوهام المعتزلة، و الرد على القرامطة، و مآخذ الشرائع في أصول الفقه و شرح الفقه
الأكبر المنسوب للإمام أبي حنيفة. مات بسمرقند عام 333 ه. راجع الفوائد البهية 195
و مفتاح السعادة 2: 21 و الجواهر المضية 2: 130 و فهرس المؤلفين 264.