و مبناه أن القدرة مع الفعل و ليست نسبته إلى الطرفين على السواء. و
من أصحابنا من قال: العصمة أن لا يخلق اللّه تعالى في العبد الذنب.
و قالت الفلاسفة هي ملكة تمنع الفجور مع القدرة عليه. و قيل خاصية في
نفس الشخص أو بدنه يمتنع بسببه صدور الذنب عنه.
(و رد بأنه لا يستحق المدح بترك الذنب و لا الثواب عليه)[1]و لا التكليف به.
و في كلام المعتزلة أن اللطف ما يختار المكلف عنده الطاعة تركا أو
إتيانا[2]أو يقرب منهما مع تمكنه في الحالين، فإن كان مقربا من الواجب أو ترك
القبيح يسمى لطفا مقربا و إن كان محصلا له فلطفا محصلا، و يخص المحصل للواجب باسم
التوفيق، و المحصل لترك القبيح باسم العصمة، و منهم من قال: التوفيق خلق اللطف
بعلم اللّه تعالى أن العبد يطيع عنده، و الخذلان منع اللطف، و العصمة لطف لا يكون
معه داع إلى ترك الطاعة، و لا إلى ارتكاب المعصية مع القدرة عليهما، و اللطف هو
الفعل الذي يعلم اللّه تعالى أن العبد يطيع عنده.
- الحرمين، أعلم المتأخرين من أصحاب الشافعي، ولد في جوين (من نواحي
نيسابور/ عام 419 ه و رحل إلى بغداد، فمكة حيث جاور أربع سنين، و ذهب إلى المدينة
فأفتى و درس، جامعا طرق المذاهب، ثم عاد إلى نيسابور فبنى له نظام الملك المدرسة
النظامية فيها، و كان يحضر دروسه أكابر العلماء له مصنفات كثيرة منها (غياث الأمم
و النيات الظلم) (و الشامل في أصول الدين) و غير ذلك توفي عام 478 ه.