و بالعكس، و قد يورد ذلك في صورة كلام غدي و أمسي، فيقال الكلام الذي
أتكلم به غدا ليس بصادق أو لا شيء مما أكلم به غدا بصادق خارجية، ثم يقتصر في
الغد على قوله ذلك الكلام الذي تكلمت به أمس صادق، فإن صدق كل من الكلام الغدي و
الأمسي يستلزم عدم صدقهما و بالعكس، و هذه مغلطة تحير في حلها عقول العقلاء و فحول
الأذكياء، و لهذا سميتها مغلطة جذر الأصم[1]، و لقد تصفحت الأقاويل فلم
أظفر بما[2]يروي الغليل[3]، و تأملت كثيرا، فم يظهر
إلا أقل من القليل[4]، و هو أن الصدق أو الكذب
كما يكون حالا للحكم أي للنسبة الإيجابية أو السلبية على ما هو اللازم في جميع
القضايا، قد يكون حكما أي محكوما به محمولا على الشيء بالاشتقاق كما في قولنا هذا
صادق، و ذاك كاذب، و لا يتناقضان إلا إذا اعتبرا حالين لحكم واحد، أو حكمين على
موضوع واحد بخلاف ما إذا اعتبر أحدهما حالا للحكم، و الآخر حكما لاختلاف المرجح
اختلافا جليا. كما في قولنا: السماء تحتنا .. صادق أو كاذب أو خفيا .. كما في
الشخصية التي هي مناط المغلطة، فأما إذا فرضناها كاذبة لم يلزم إلا صدق نقيضها، و
هو قولنا هذا الكلام صادق، فيقع[5]الصدق
حكما للشخصية لا حالا لحكمها، و إنما حال حكمها الكذب على ما فرضنا، و الصدق حال
للنسبة الإيجابية التي هي حكم النقيض و حكم للشخصية التي هي الأصل، فلم يجتمعا
حالين لحكم و لا حكمين لموضوع و كذا إذا فرضناها صادقة، و حينئذ فلعل المجيب يمنع
تناقض الصدق و الكذب المتلازمين بناء على رجوع أحدهما إلى حكم الشخصية و الآخر إلى
موضوعها. لكن الصواب عندي في هذه القضية ترك الجواب و الاعتراف بالعجز عن حل
الإشكال.
الخامس:لو كان الفعل حسنا أو قبيحا لذاته لزم قيام العرض بالعرض و هو باطل
باعتراف الخصم و بما مرّ من الدليل، وجه اللزوم أن حسن الفعل مثلا أمر زائد عليه،