مات غير تائب و اللازم باطل لقوله تعالىوَ ما كُنَّا
مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا[1].
الثاني:لو كان الحسن و القبح بالعقل لما كان شيء من أفعال العباد حسنا و لا
قبيحا عقلا، و اللازم باطل باعترافكم. وجه اللزوم أن فعل العبد إما اضطراري، و إما
اتفاقي. و لا شيء منهما بحسن و لا قبيح عقلا.
اما الكبرى فبالاتفاق، و أما الصغرى فلأن العبد إن لم يتمكن من الترك
فذاك، و إن تمكن فإن لم يتوقف الفعل على مرجح، بل صدر عنه تارة، و لم يصدر أخرى
بلا تجدد أمر كان اتفاقيا على أنه يفضي إلى الترجح بلا مرجح؛ و فيه انسداد باب
إثبات الصانع، و إن توقف فذلك المرجح إن كان من العبد، فينقل الكلام إليه و
يتسلسل، و إن لم يكن فمعه إن لم يجب الفعل، بل صح الصدور و اللاصدور، عاد الترديد
و لزم المحذور، و إن وجب فالفعل اضطراري و العبد مجبور.
و اعترض بأن المرجح هو الإرادة التي شأنها الترجيح و التخصيص، و صدور
الفعل معه، عندنا على سبيل الصحة دون الوجوب إلا عند أبي الحسين.
و لو سلم فالوجوب بالاختيار لا ينافي الاختيار و لا يوجب الاضطرار
المنافي للحسن و صحة التكليف.
و أجيب أنه قد ثبت بالدليل لزوم الانتهاء إلى مرجح لا يكون من العبد،
و يجب معه الفعل، و يبطل استقلال العبد، و مثله لا يحسن و لا يقبح، و لا يصح
التكليف به عندهم و أما الاعتراض بأنه استقلال في مقابلة الضرورة، و منقوض بفعل
الباري فقد عرفت جوابه.
الثالث:لو كان قبح الكذب لذاته لما تخلف عنه في شيء من الصور ضرورة، و
اللازم باطل فيما إذا[2]تعين الكذب، لإنقاذ نبي من الهلاك، فإنه يجب قطعا فيحسن، و كذا كل
فعل يجب تارة، و يحرم أخرى كالقتل، و الضرب حدا و ظلما.