قال (فرع) (لما ثبت استناد الكل إلى اللّه بطل ما ذهب إليه المعتزلة
من التوليد[1]و فروعه و المتولد عند عامتهم فعل العبد تمسكا بمثل ما مرّ في خلق
الأعمال و قال النظام لا فعل له إلّا ما يوجد في محل قدرته. و قال معمر إلا
الإرادة. و قيل إلّا الفكر، و الباقي لطبع المحل، لأنه قد لا يوافق الداعية، و قد
لا يصح أن لا يفعله كما في السهم المرسل و ردّ بأنه لمانع، و أما تمسكنا بأنه لو
كان فعل العبد لزم اجتماع المؤثرين، أو الترجح بلا مرجح في حركة جسم يجذبه قادر، و
يدفعه آخر فمدفوع يمنع استقلال كل من القوتين في تلك الحركة ذهبت المعتزلة إلى أن
فعل الفاعل قد يوجب لفاعله فعلا آخر في محل القدرة أو خارجا عنه، و ذلك معنى
التوليد، و فرعوا[2]عليه فروعا مثل أن المتولد بالسبب المقدور بالقدرة الحادثة يمتنع أن
يقع بالقدرة الحادثة بطريق المباشرة من غير توسط السبب و مثل اختلافهم في أن
المتولد هل يقع في فعل اللّه تعالى[3]أم
جميع أفعاله بطريق المباشرة و في أن الموت هل هو متولد من الجرح حتى يكون فعل
العبد إلى غير ذلك، و لما ثبت استناد الممكنات إلى اللّه ابتداء بطل التوليد عن
أصله. و المعتزلة
[1]يقول ابن حزم: تنازع المتكلمون في
معنى عبروا عنه بالتوليد، و هو أنهم اختلفوا فيمن رمى سهما فجرح به إنسانا أو غيره
و في حرق النار و تبريد الثلج و سائر الآثار الظاهرة من الجمادات فقالت طائفة ما
تولد من ذلك عن فعل إنسان أوحى فهو فعل الإنسان و الحي، و اختلفوا فيما تولد من
غير حي فقالت طائفة هو فعل اللّه. و قالت طائفة ما تولد من غير حي فهو فعل الطبيعة
و قال آخرون كل ذلك فعل اللّه عز و جل. ثم قال و الأمر بين و هو أن كل ما في
العالم من جسم أو عرض في جسم أو من أثر جسم فهو خلق اللّه عز و جل. الخ.
راجع ما كتبه ابن حزم في هذا الموضوع فهو في غاية الجودة ج 3 من
كتاب الفصل ص 59- و ما بعدها.