قال (ثم لا خلاف في ذم القدرية) (حتى قال النبي صلى اللّه عليه و
سلّم «لعنتالقدرية على لسان سبعين نبيا»[1]و سموا بذلك لإفراطهم في نفيه و ما يقولون من أن المثبت له أولى
بالانتساب إليه مردود بقوله صلى اللّه عليه و سلّم «القدريةمجوس هذه الأمة»[2]و قوله صلى اللّه عليه و سلّم «إذاقامت القيامة نادى مناد في
أهل الجمع أين خصماء اللّه، فيقوم القدرية» و بأن من يضيف القدر إلى نفسه أولى
بهذا الاسم ممن يضيفه إلى ربه).
قد ورد في صحاح الأحاديث «لعنتالقدرية على لسان سبعين نبيا» و المراد بهم القائلون بنفي كون الخير
و الشر كله بتقدير اللّه تعالى و مشيئته، سموا بذلك لمبالغتهم في نفيه، و كثرة
مدافعتهم إياه، و قيل لإثباتهم للعبد قدرة الإيجاد، و ليس بشيء لأن المناسب حينئذ
القدري بضم القاف، و قالت المعتزلة القدرية هم القائلون بأن الخير و الشر كله من
اللّه و بتقديره و مشيئته. لأن الشائع نسبة الشخص إلى ما يثبته، و يقول به
كالجبرية و الحنفية[3]و الشافعية[4]، لا إلى ما ينفيه. و رد
بأنه صح عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قوله
[1]لم نعثر على تخريج هذا الحديث رغم
البحث و التقصي في كتب الأحاديث.
[2]الحديث رواه أبو داود في السنة 16، و
أحمد بن حنبل 2: 86، 5: 407 و لفظه عند أبي داود: مجوس هذه الأمة الذين يقولون لا
قدر.
[3]هم أتباع الإمام أبو حنيفة، أحد
الأئمة الأربعة من أصحاب المذاهب الإسلامية. و تميز المذهب الحنفي بالمرونة
لاعتماد أبي حنيفة على القياس كمصدر هام من مصادر التشريع الإسلامي و من رجال
المذهب الحنفي القاضي أبو يوسف، و محمد بن الحسن الشيباني، و الإمام زفر و كثير من
الدول الإسلامية تأخذ بالمذهب الحنفي.
[4]الشافعية: أتباع الإمام محمد بن
إدريس الشافعي، أحد الأئمة الأربعة من أصحاب المذاهب الإسلامية، و استقى الشافعي
فقهه من خمسة مصادر. و قد نص عليها في كتاب الأم. الأولى الكتاب و السنة إذا ثبتت
ثم الثانية الاجماع فيما ليس فيه كتاب و لا سنة، و الثالثة: أن يقول أصحاب رسول
اللّه- صلى اللّه عليه و سلّم- و لا نعلم لهم مخالفا منهم و الرابعة، اختلاف أصحاب
النبي- صلى اللّه عليه و سلّم في ذلك، الخامسة القياس، و لا يصار إلى شيء ما دام
الكتاب و السنة، و هما موجودان. و قد توفي الشافعي عام 204 ه.