من أدلة المتقدمين القائلين أن فعل العبد بقدرة الرب
قال (و قد يستدل) (بأنه لو قدر على فعله لقدر على إعادته على مثله و
على خلق الجسم إذ لا مصحح سوى الحدوث و الإمكان و لكان فعله كخلق الإيمان أحسن من
فعل الباري كخلق الشيطان، و لما صح سؤال الإيمان و لا الشكر عليه).
للمتقدمين[1]على
كون فعل العبد بقدرة اللّه دون قدرته وجوه: منها أن العبد لو كان قادرا على فعله
إيجادا و اختراعا لكان قادرا على إعادته، و اللازم منتف إجماعا وجه[2]اللزوم أن إمكان القدرة منه يستلزم[3]ماهيته لا يختلف باختلاف الأوقات، و لهذا يصح الاستدلال على قدرة
اللّه تعالى على الإعادة بقدرته على الابتداء كما نطق به التنزيل احتجاجا على
منكري الإعادة بالنشأة الأولى. و الاعتراض يمنع إمكان إعادة المعدوم مستندا بأنه
يجوز أن يكون خصوصية البدء شرطا أو خصوصية العود مانعا أو يمنع عدم قدرة العبد على
الإعادة ليس بشيء لأن الخصم معترف بالمقدمتين. و منها أنّه لو كان قادرا على
إيجاد فعله لكان قادرا على إيجاد مثله لأن حكم الأمثال واحد لكنا نقطع بأنه يتعذر
علينا أن نفعل الآن مثل ما فعلناه سابقا بلا تفاوت، و إن بذلنا الجهد في التدبر[4]و الاحتياط، و منها أنه لو كان قادرا على إيجاد فعله لكان قادرا على
إيجاد كل ممكن من الأجسام و الأعراض لأن المصحح للمقدورية هو الإمكان أو الحدوث، و
المقدور هو إعطاء الوجود و لا تفاوت في شيء منها باعتراف الخصم، و لا يرد النقض