التي منها يتألف ذلك الزمان، و لا بالسكنات التي يتخللها تكون تلك
الحركة ابطاء من حركة الفلك، أو بالحد الذي لها من وصف السرعة و البطء، و منها أن
الناطق يأتي بحروف مخصوصة على نظم مخصوص من غير شعور له بالأعضاء التي هي آلاتها،
و لا بالهيئات و الأوضاع التي تكون لتلك الأعضاء عند الإتيان بتلك الحروف، و منها
أن الكاتب يصور الحروف و الكلمات بتحريك الأنامل من غير شعور له بما للأنامل من
الأجزاء و الأعضاء أعني العظام و الغضاريف[1]و الأعصاب و العضلات و الرباطات و لا بتفاصيل حركاتها و أوضاعها التي
بها يتأتى تلك الصور و النقوش.
الدليل الثالث
قال (الثالث) (أنه لو كان فعل العبد بقدرته و اختياره لكان متمكنا من
فعله و تركه، و اللازم باطل لأنه لا بد من ترجح الفعل على الترك بلا مرجح لا يكون
منه، و يجب عنده الفعل لامتناع الترجح بلا مرجح، و تسلسل المرجحات و وجود الأثر
بدون الوجوب.
و اعترض بأنه يرد على فعل الباري تعالى، و بأن الوجوب بالاختيار لا
ينافي الاستواء بحسب القدرة.
و أجيب بأن المرجح ثمة أزلي هي الإرادة القديمة المتعلقة في الأزل
بأن يوجد الفعل في وقته، و هاهنا حادث يفتقر إلى مرجح آخر يبطل استقلال العبد و
تمكنه من الترك) لو كان فعل العبد بقدرته و اختياره لكان متمكنا من فعله و تركه،
إذ لو لم يتمكن من الترك لزم الجبر و بطل الاختيار. لكن اللازم، أعني التمكن من
الفعل و الترك
[1]الغضروف: مادة مرنة متينة لؤلؤية
المظهر. تكون جزءا من جهاز التدعيم أو الهيكل، و يوجد الغضروف بالجنين قبل أن
يتكون العظم و يظل في كثير من العظام في أطرافها النامية الى ما بعد سن البلوغ و
توجد الغضاريف في البالغ على أسطح المفاصل، و في الأنف و الحنجرة و القصبة
الهوائية، و هو عبارة عن نسيج ضام من مادة ليفية صلدة تقع فيها الخلايا الغضروفية.