المبحث الثاني الاستدلال بعالم الأجسام على وجود الصانع
(قال: المبحث الثاني، الظاهر في نظر الكل هو عالم الأجسام من
الفلكيات، و العنصريات مفرداتها و مركباتها. شاع فيما بينها الاستدلال بذواتها و
صفاتها لإمكانها أو حد وقتها على وجود صانع[1]قديم قادر عليم و كثر في كلام اللّه تعالى الإرشاد إلى ذلك لأنه أنفع
للجمهور و أوقع في النفوس لما في دقة الأدلة الحكمية من فتح باب الشبهات و لم يعبأ
باحتمال أن يكون ذلك الصانع غير الواجب تعالى. أما شهادة الحدث بأنه لا يكون إلا
غنيا مطلقا، و هو المعنى بالواجب فيكون من الإقناعيات التي قلما يخلو استكثارها عن
التأدي إلى اليقين. و إما لانسياق الذهن إلى أنه لو كان مخلوقا فخلقه أولى بهذه
الصفات، فلا يذهب ذلك إلى غير النهاية، و إما لأن المقصود الرد على من لا يقر بهذا
العالم بموجود له الخلق و الأمر، و منه المبدأ و إليه المنتهى. و قد أشير إلى
اعتراف الكل به عند الاضطرار تنبيها على أنه مع ثبوته بالبرهان و الإقناع من
المشهورات جريا على ما هو اللائق بالمطالب العالية).
المبحث الثاني:قد سبقت الدلالة[2]على
وجود الصانع بالبراهين، و هاهنا يشير إلى وجوه[3]إقناعية، و إلى كونه من المشهورات التي لم يخالف فيها أحد ممن يعتد
به بذلا[4]للمجهود في إثبات ما هو أعظم المطالب العالية[5]. بيان ذلك أنه لا يشك أحد في وجود عالم الأجسام من الأفلاك و الكواكب،
و العناصر و المركبات