قائمة بالذات، و عند ضرار[1]نفس
الذات، و عند النجار[2]صفة سلبية هي كون الفاعل ليس بمكره، و لا ساه، و عند الفلاسفة العلم
بالنظام الأكمل، و عند الكلبيّ إرادته لفعله تعالى العلم به و لفعل غيره الأمر به،
و عند المحققين من المعتزلة هي العلم بما في الفعل من المصلحة، تمسك أصحابنا بأن
تخصيص بعض الأضداد بالوقوع دون البعض، و في بعض الأوقات دون البعض مع استواء نسبة
الذات إلى الكل، لا بدّ أن يكون لصفة شأنها التخصيص لامتناع التخصيص بلا مخصص، و امتناع
احتياج الواجب في فاعليته إلى أمر منفصل و تلك الصفة هي المسماة بالإرادة، و هو
معنى واضح عند العقل، مغاير للعلم و القدرة و سائر الصفات شأنه التخصيص و الترجيح
لأحد طرفي المقدور من الفعل و الترك على الآخر، و ينبه على مغايرتها للقدرة أن
نسبة القدرة إلى الطرفين على السواء بخلافها و للعلم أن مطلق العلم نسبته إلى الكل
على السواء، و العلم بما فيه من المصلحة. أو بأنه سيوجد في وقت كذا، سابق على
الإرادة و العلم بوقوعه تابع للوقوع المتأخر عنها و فيه نظر. إذ قد لا يسلم الخصم
سبق العلم بأنه يوجده في وقت كذا على[3]إرادته
ذلك، و لا تأخر علمه بوقوعه حالا عن إرادته، الوقوع حالا. و ما يقال أن العلم تابع
للوقوع، فمعناه أنه يعلم الشيء كما يقع، و أن المعلوم هو الأصل في التطابق لأنه
مثال و صورة له، لا بمعنى تأخره عنه في الخارج البتة. و الحق أن مغايرة الحالة
التي نسميها بالإرادة، للعلم و القدرة و سائر الصفات ضرورية، ثم لقد[4]تبين قدمها، و زيادتها على الذات
[1]ضرار بن عمرو صاحب فرقة الضرارية من
المعتزلة، وافق الأشاعرة في أن أفعال العباد مخلوقة للّه تعالى و إكساب للعباد و
في إبطال القول بالتولد، و وافق المعتزلة في أن الاستطاعة قبل الفعل و مع الفعل و
بعد الفعل، و أنها بعض المستطيع و وافق النجار في دعواه أن الجسم أعراض مجتمعة من
لون و طعم و رائحة و نحوها.
[2]النجار: هو الحسين بن محمد بن عبد
اللّه النجار الرازي أبو عبد اللّه: رأس الفرقة النجارية من المعتزلة، كان حائكا و
قيل: كان يعمل الموازين من أهل قم و هو من متكلمي المجبرة و له مع النظام عدة
مناظرات، و النجارية يوافقون أهل السنة في مسألة القضاء و القدر و يوافقون
المعتزلة في نفي الصفات و خلق القرآن و في الرؤية له كتب: منها البدل في الكلام و «المخلوق» و «الإرجاء» توفي سنة 320 ه.
راجع فهرست ابن النديم و اللباب 3: 215، و المقريزي 20: 350.