في أنه مريد، اتفقوا على ذلك و دل عليه كونه فاعلا بالاختيار، فعندنا
بصفة قديمة قائمة بذاته على قياس سائر الصفات للقطع بأن تخصيص أحد طرفي المقدور
بالوقوع يكون لصفة خاصة نجدها من أنفسنا ليست هي العلم و القدرة و نحوهما، و
تعلقها لذاتها فلا يلزم تسلسل الإرادات و وجوب المراد بها لا ينافي الاختيار و
قدمها لا يوجب قدمه، و لا ينافي حدوث تعلقها).
المبحث الرابع:اتفق المتكلمون و الحكماء و جميع الفرق على إطلاق القول بأنه مريد، و
شاع ذلك في كلام اللّه تعالى و كلام الأنبياء عليهم السلام[1]، و دل عليه ما ثبت من كونه
تعالى فاعلا بالاختيار، لأنه معناه القصد و الإرادة مع ملاحظة ما للطرف الآخر،
فكأن المختار ينظر إلى الطرفين و يميل إلى أحدهما، و المريد ينظر إلى الطرف الذي
يريده، لكن كثرة الخلاف في معنى إرادته.
فعندنا صفة قديمة زائدة على الذات قائمة به على ما هو شأن سائر
الصفات الحقيقية. و عند الجبائية[2]صفة
زائدة قائمة لا بمحل، و عند الكرامية صفة حادثة
[2]الجبائية: أصحاب أبي محمد بن عبد
الوهاب الجبائيّ، و ابنه أبي هاشم عبد السلام و هما من معتزلة البصرة، انفردا عن
أصحابها بمسائل: فمنها: أنهما؟؟؟؟ إرادات حادثة لا في محل، يكون الباري تعالى بها
موصوفا مريدا و تعظيما لا في محل إذا أراد ان يعظم ذاته و فناء لا في محل إذا اراد
ان يفنى العالم، و أخص أوصاف هذه الصفات يرجع إليه من حيث أنه تعالى أيضا لا في
محل.