لأنه مجرد و كل مجرد عالم، و لأنه عالم بذاته و هو مبدأ للكل، و
العلم بالمبدإ مستلزم للعلم بذي المبدأ).
قال: و عند الفلاسفة. أورد[1]من استدلالهم على علم الباري وجهان:
الأول:أنه مجرد أي ليس بجسم و لا جسماني لما مرّ، و كل مجرد عاقل، أي عالم
بالكليات لما وقعت الإشارة إليه في مباحث المجردات من أن التجرد يستلزم التعقل، و
بيانه أن التعقل يستلزم إمكان المعقولية لأن المجرد بريء عن الشوائب المادية، و
اللواحق الغريبة و كل ما هو كذلك لا يحتاج إلى عمل يعمل به حتى يصير معقولا.
فإن لم يعقل، كان كذلك من جهة القوة العاقلة، لا من جهته، و إمكان
المعقولية يستلزم إمكان المصاحبة[2]بينه،
و بين العاقل إياه، و هذا الإمكان لا يتوقف على حصول المجرد في جوهر العاقل، لأن
حصوله فيه نفس المصاحبة، فتوقف إمكان المصاحبة على حصول المجرد فيه توقف إمكان
الشيء على وجوده المتأخر عنه، و هو محال.
إذ المجرد سواء وجد في العقل أو في الخارج يلزمه إمكان مصاحبة
المعقول، و لا
[2]الصاحب الملازم إنسانا كان أو حيوانا
أو مكانا أو زمانا و لا فرق بين أن تكون مصاحبته بالبدن و هو الأصل و الأكثر أو
بالعناية و الهمة و على هذا قال:
لئن غبت عن عيني لما غبت عن قلبيو يقال للمالك
للشيء هو صاحبه و كذلك لمن يملك التصرف فيه. و المصاحبة و الاصطحاب أبلغ من
الاجتماع لأجل أن المصاحبة تقتضي طول لبثه فكل اصطحاب اجتماع و ليس كل اجتماع
اصطحابا، و الأصحاب للشيء الانقياد له.