[قال (المبحث الخامس) في أحكام الأجسام فمنها أنها متماثلة لا تختلف
إلا بالعوارض، و يجوز على كل ما يجوز على الآخر، و يبتني على ذلك استناد اختلاف
العوارض إلى القادر المختار، و خرق السموات، و كثير من خوارق العادات، و ذلك
لكونها من محض الجواهر الفردة المتماثلة، و لاشتراكها في التميز و قبول الأعراض،
[و هما من أخص صفات النفس][1]و
انقسام الجسم إليها. و قد يتوهم أن المراد بتماثلها الاتحاد في المفهوم المشترك بين
الأنواع المختلفة، كالحيوان مثلا، فيستدل بأن حد الجسم[2]على اختلاف عباراتهم فيه واحد غير مشتمل على تنويع و اختلاف الخواص
إنما هو لاختلاف الأنواع].
بعد الفراغ من بيان حقيقة الجسم أخذ في بيان أحكامه، فمنها أن
الأجسام متماثلة أي متحدة الحقيقة، و إنما الاختلاف بالعوارض، و هذا أصل يبتني
عليه كثير من قواعد الإسلام، كإثبات القادر المختار، و كثير من أحوال النبوة و
المعاد[3]، فإن اختصاص كل جسم بصفاته
المعينة لا بد أن يكون بمرجح مختار، إذ نسبة الموجب إلى الكل على السواء، و لما
جاز على كل جسم ما يجوز على الآخر كالبرد على النار، و الحرق على الماء ثبت جواز
ما نقل من المعجزات، و أحوال القيامة، و مبنى هذا الأصل عند المتكلمين على أن
أجزاء الجسم ليست إلا الجواهر الفردة، و انها متماثلة لا يتصور فيها اختلاف حقيقة،
و لا محيص لمن اعترف بتماثل الجواهر، و اختلاف الأجسام بالحقيقة من جعل بعض
الأعراض داخلة فيها، و قد