المعلقة نورانية، فيها نعيم السعداء، و ظلمانية فيها عذاب الأشقياء،
و كذا أمر[1]المنامات، و كثير من الإدراكات، فإن جميع ما يرى في المنام، أو يتخيل
في اليقظة[2]، بل يشاهد في الأمراض، و
عند غلبة الخوف و نحو ذلك من الصور المقدارية، التي لا تحقق لها في عالم الحس كلها
من عالم المثل، و كذا كثيرا من الغرائب، و خوارق العادات، كما يحكى عن بعض
الأولياء أنه مع إقامته ببلدته، كان من حاضري المسجد الحرام أيام الحج، و أنه ظهر
من بعض جدران البيت، أو خرج من بيت مسدود الأبواب و الكوات، و أنه أحضر بعض الأشخاص،
أو الثمار[3]، أو غير ذلك من مسافة بعيدة
في زمان قريب إلى غير ذلك.
و القائلون بهذا العالم منهم من يدعي نبوته بالمكاشفة و التجارب
الصحيحة، و منهم من يحتج، بأن ما يشاهد من تلك الصور الجزئية في المزايا و نحوها،
ليست عدما صرفا، و لا من عالم الماديات و هو ظاهر، و لا من عالم العقل لكونها ذوات
مقدار، و لا مرتسمة في الأجزاء الدماغية، لامتناع ارتسام الكبير في الصغير، و لما
كانت الدعوى عالية، و الشبهة واهية[4]. كما
سبق لم يلتفت إليه المحققون من الحكماء و المتكلمين.
[3]في الحقيقة أن هذه الأشياء كما تحكي
عن الأولياء تحكى عن شياطين الإنس الذين يستخدمون الجن في قضاء مثل هذه الأمور و
يحكي القرآن الكريم عن العلاقة التي تتم بين الإنس و الجن و غالبا ما تكون إلا
للاضرار و الفساد و يندر أن تكون علاقة لغير هذا قال تعالى:وَ أَنَّهُ
كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ
رَهَقاً. و الإمام الجنيد يقول: إذا رأيتم من يطير في السماء، أو يمشي على
الماء- و لا يؤدي شرع اللّه- و لا يطبقه على نفسه، و لا على الآخرين فهو و الحق
يقال:
شيطان رجيم.
[4]نعم إنها دعوى عريضة و لكن لا يسندها
رأى من الكتاب و لا دليل من السنة و ما دام الأمر كذلك فهي كما قال: شبهة واهية، و
اللّه أعلم.