الأول:أول المخلوقات يلزم أن يوجد وحده، و يوجد ما بعده، و ما ذاك إلا
العقل[1]، لأن للجسم كثرة، و
للهيولي[2]، أو الصورة أو العرض
افتقارا إلى غير علته في الوجود، و للنفس في الإيجاد، و إلا لكان عقلا.
الثاني:علة أول الأجسام يلزم أن تشتمل على الكثرة لئلا يتعدد أثر الواحد، و
يستغني في ذاتها و فعلها عن الجسمية لئلا يفضي إلى تقدم الشيء على نفسه. أما
الجسم و العرض فظاهر، و أما النفس فلأن فعلها مشروط بالجسم، و أما الهيولي و
الصورة، فلأنه لا يحصل أحدهما بدون الأخرى. و مبنى الوجهين على امتناع صدور الكثير
من الواحد، و نفي الاختيار و الصفات. مع أن المعلول الأول لا يلزم أن يكون موجدا
لما بعده، بل واسطة، فلا يمتنع أن يكون نفسا، أو أحد جزئي الجسم، و أيضا افتقار
النفس إلى الجسم في إدراكاتها لا يمنع استقلالها بإيجاد الجسم].
احتجت الفلاسفة على ثبوته بوجوه:
أحدها:أن المعلول الأول يجب أن يكون جوهرا مفارقا (أي ليس جسما و لا
[1]سبق الحديث عن العقل في كلمة وافية
في الجزء الثاني من هذا الكتاب.
[2]تكلمنا عن الهيولي و الصورة و وضحنا
الاصطلاحات الخاصة بهما في الجزء الثاني من هذا الكتاب.